والأظهر أن يقال لما سيجئ أي في المقصد السادس من هذا المرصد وإذ لا توجد الأجسام بدون التمايز بينها لأن كل موجود لا بد أن يكون متميزا عن موجود آخر بالضرورة وقد بينا أن التمايز بين الأجسام إنما هو بالأعراض بناء على تماثل الجواهر الفردة التي تألفت الأجسام منها ثم الأعراض حادثة لأنها لا تبقى زمانين وكل ما هو كذلك فهو حادث وقد مر بيانهما أي بيان أن التمايز بين الأجسام لا يكون إلا بالأعراض وبيان أن الأعراض لا تبقى زمانين ولو اقتصر على ذكر بيان الثاني لكان أولى لقوله وقد بينا الثاني من الوجهين أن يقال الجسم لا يخلو عن الحركة والسكون وهما حادثان فالجسم لا يخلو عن الحوادث إنما قلنا إن الجسم لا يخلو عنهما لأنه لا يخلو عن الكون في حيز بالضرورة فإن كان كونه في ذلك الحيز مسبوقا بالكون أي بكون آخر في ذلك الحيز فهو ساكن لأن السكون هو الكون الثاني في المكان الأول وإلا أي وإن لم يكن كونه في ذلك الحيز مسبوقا بالكون فيه فهو متحرك لا يقال دليلكم منقوض بالجسم في أول زمان حدوثه لجريانه فيه مع أنه ليس متحركا ولا ساكنا إذ لم يتصف حينئذ بكون ثان لا في المكان الأول ولا في المكان الثاني لأنا نقول الكلام في الجسم الباقي فيدعي أنه لا يخلو عن الحركة أو السكون لا في الجسم الحادث فلا نقض وإذا أورد هذا السؤال على طريق المناقضة كان منعا لا يضر المعلل إذ مقصوده حدوث الجسم وإنما قلنا إن الحركة حادثة لوجوه الأول ماهية الحركة هي المسبوقة بالغير أي ماهيتها تقتضي
(٦١٨)