الثالث مثل ما تقدم في الأرض من طلوع الكواكب وظهور القطب والكواكب الشرح المقصد الثالث قالوا والماء أيضا كري لوجوه ثلاثة الأول أن السائر في البحر يرى رأس الجبل قبل أسفله يعني أنه يظهر عليه رأي الجبل أولا ثم ما يليه شيئا فشيئا إلى أسفله كأنه يطلع من الماء متدرجا على نسبة واحدة وما هو إلا لستر تقبيب الماء على هيئة حدبة الاستدارة له عن الرؤية لا يقال الماء شفاف لا لون له فلا يستره كالهواء لأنا نقول ذلك الذي ذكرتموه إنما هو في الماء البسيط الصرف وهذا الماء الساتر يخالطه أجزاء من الأرضية ولذلك ملوحته فله لون ماء كسائر المياه المرئية لنا الوجه الثاني الماء المرمي إلى فوق يعود كريا وكذلك الماء المصبوب على تراب لطيف جدا فإن قطراته تتشكل بشكل الكرة فدل على أن طبيعته تقتضي الكرية وإنما يتم ذلك إذا بين كونه كرة حقيقة والحس لا يعتمد عليه في مثله وبين أيضا أن ذلك لطبعه لا لمصادمة الهواء إياه من جوانبه أو بدحرجة في الطريق أو بسبب آخر لا نعلمه ثم أنهم أي المتمسكين بالوجه الثاني وهم الطبيعيون يزعمون أن الماء أينما كان فهو قطعة من كرة الماء مركزها مركز العالم الذي هو المركز الطبيعي للماء وعليه بنوا حكاية الطاس في قلة الجبل وقعر البئر كما سبق وهذا المبني عليه لا يقطعه أي لا يفيد الفرع الذي بنوه عليه لجواز أن يكون هناك مانع يمنع الماء في الطاس عن مقتضى طبعه الذي هو الاستدارة
(٤٧٩)