الشرح المقصد الثاني زعموا أن الأرض كروية أما في الطول أي فيما بين المشرق والمغرب فلأن البلاد المتوافقة في العرض أو التي لا عرض لها كلما كانت أقرب إلى الغرب كان طلوع الشمس وسائر الكواكب عليها متأخرا بنسبة واحدة وكذا الحال في الغروب ولا يعقل ذلك التأخر في الطلوع والغروب بتلك النسبة إلا في الكرة وإنما قلنا بذلك التأخر لأنا لما رصدنا خسوفا بعينه في وقت من الليل وجدناه في بلاد شرقية مثلا آخر الليل ووجدناه في بلاد غربية عنها أي عن البلاد الأولى بمسافة معينة هي ألف ميل قبله أي قبل آخر الليل بساعة ووجدناه في بلاد أخرى غريبة عنها أي عن البلاد الثانية بتلك المسافة بعينها قبل الأول بساعتين وقبل الثاني بساعة والحاصل أنه يوجد في هذه البلاد الأخرى قبل آخر الليل بساعتين وعلى هذا القياس فعلمنا أن طلوعها أي طلوع الشمس على الغربية متأخر بنسبة واحدة لأن الخسوف المعين كان في البلاد الأولى عند طلوع الشمس وفي الثانية قبله بساعة وفي الثالثة قبله بساعتين وأما في العرض أي فيما بين الشمال والجنوب فلأن السالك في الشمال كلما أوغل فيه ازداد القطب ارتفاعا عليه بحسب إيغاله فيه على نسبة واحدة حتى يصير بحيث يراه قريبا من سمت رأسه ولذلك تظهر له الكواكب الشمالية التي كانت مختفية عنه وتخفى عنه الكواكب الجنوبية التي كانت ظاهرة عليه والسالك الواغل في الجنوب بالعكس من ذلك وأما فيما بينهما أي بين الطول والعرض فلتركب الأمرين فإن السالك فيما بين المشرق والشمال يتقدم عليه الطلوع بمقدار قربه من المشرق ويزداد ارتفاع القطب عليه بمقدار وغوله في الشمال وقس على هذا حال السالك فيما بين المغرب والشمال وحال السالك في السمتين المقابلين لهما وأورد عليهم الاختلاف الذي في سطحها فأجابوا عنه بأنه كتضاريس صغيرة على كرة كبيرة فلا يقدح في أصل الكرية الحسية المعلومة بما ذكر فإن أعظم جبل
(٤٧٧)