المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ٣٢٨
الرابع الأجزاء كلها بالقوة وغير متناهية وهو مذهب الحكماء واعلم أن المذهبين الأولين يقتضيان خروج جميع الانقسامات الممكنة إلى الفعل إما متناهية أو غير متناهية والمذهبين الأخيرين يقتضيان أن لا يكون هناك انقسام بالفعل بل يكون الجسم البسيط متصلا في نفسه لا مفصل فيه أصلا إلا أنه يقبل انقساما إما متناهيا أي واصلا إلى حد يقف عنده ولا يمكن تجاوزه إياه فيكون الانقسام منتهيا إلى أجزاء لا تتجزأ وقد تركب الجسم منها بالقوة كما ذهب إليه الشهرستاني ويقرب منه ما نقل عن أفلاطون من أن الجسم بالتجزئة ينتهي إلى أن ينمحق فيعود هيولى وإما غير متناه لا بمعنى أن تلك الانقسامات يمكن أن تخرج من القوة إلى الفعل بل بمعنى أن الجسم من شأنه أن يقبل الانقسام دائما ولا ينتهي انقسامه إلى جزء لا يمكن فرض انقسامه وهذا مثل ما ذهب إليه المتكلمون من أنه تعالى قادر على ما لا يتناهى مع أنهم يحيلون اتصاف أمور غير متناهية بالوجود سواء كانت مجتمعة أو متعاقبة فليس مرادهم إلا أن قدرته تعالى لا تنتهي إلى حد لا يمكن مجاوزتها إياه فقس حال القابلية على حال الفاعلية وإذا تمهد هذا فنقول ههنا مذهب خامس وهو مذهب ديمقراطيس فإنه ذهب إلى أن الجسم البسيط مركب من أجسام صغار لا تنقسم بالفعل بل بالفرض فلا تكون الاحتمالات المذكورة منحصرة في المذاهب الأربعة وذلك لأنه إذا لم تكن جميع الانقسامات حاصلة بالفعل جاز أن لا يكون شيء منها
(٣٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 ... » »»