فإن الركة إذا كانت مخالفة لها ومددتها لم يمكنك أن تذكر المصوت إلا باستئناف صامت آخر يجعل المصوت تبعا له لكن الحس شاهد بحصول المصوتات بمجرد تمديد الحركات ثم إن أوسع المصوتات باعتبار انفتاح الفم هو الألف ثم الياء ثم الواو وأثقلها الضمة المحتاجة إلى مزيد تحريك الشفتين ثم الكسرة ثم الفتحة فقد جعل الحركات داخلة في المصوتات فلذلك انقسم المصوتة إلى مقصورة هي الحركات وممدودة هي الحروف المخصوصة قال والحرف الصامت سابق على الحركة لوجهين الأول إن الصامت البسيط حقيقة وحس آني والحركة زمانية والآن متقدم على الزمان فما يوجد في الآن الذي هو أول زمان وجود الشيء كان سابقا على ما يحدث فيه وقد يقال جاز أن يكون حدوث الحرف الآني في الآن الذي هو آخر زمان الحركة ولا بد لنفيه من دليل الثاني إن الحركة لو كانت سابقة على الحرف لكان المتكلم بالحركة مستغنيا عن التكلم بالحرف لأن السابق غني عن المسبوق المحتاج إليه والتالي باطل لأنا نجد من أنفسنا وجدانا ضروريا أنه لا يمكن التكلم بالحركة دون التكلم بالحرف واعترض عليه بأنه ليس يلزم من إبطال تقدم الحركة على الحرف الصامت تقدمه عليها لجواز أن لا يسبق أحدهما الآخر بل يوجدان معا على أن نقول جاز أن يكون السابق مستعقبا للمسبوق بحيث يمتنع تخلفه عنه فلا يثبت حينئذ بطلان تقدم الحركة على الحرف وبهذا يعلم أيضا بطلان ما قيل من أن الابتداء بالصامت الساكن جائز وإلا توقف الصامت المتقدم على المصوت المتأخر المحتاج إلى ذلك المتقدم وهو محال
(٢٥)