فجاز أن تكون كل واحدة من تلك المراتب فاعلة أو قابلة لطعم بسيط على حدة فلا ينحصر عدد الطعوم البسيطة في عدة محصورة فضلا عن التسعة والعشرة وأيضا الخيار والقرع والحنطة النية يحس من كل منها بطعم لا تركيب فيه وليس من التسعة المذكورة وأيضا الاختلاف بالشدة والضعف إن اقتضى الاختلاف النوعي فأنواع الطعوم غير منحصرة وإن لم يقتض كان القبض والعفوصة نوعا واحدا إذ لا اختلاف بينهما إلا بالشدة والضعف فإن القابض كما سيأتي يقبض ظاهر اللسان وحده والعفص يقبض ظاهره وباطنه معا وأيضا حدوث الطعوم التسعة على تلك الوجوه المخصوصة لم يقم عليه برهان ولا إمارة تفيد غلبة الظن ولهذا قيل مباحث الطعوم دعاوى خالية عن الدلائل إلا ن المصنف ذكر في كيفية الحدوث مناسبات ربما أوقعت لبعض النفوس ظنا بتلك الوجوه فقال فالحار أي الحرارة كما هو المشهور في الكتب أو الأمر الحار كما يتبادر من العبارة فإن الفاعل هو الصورة النوعية بحسب كيفياتها التي هي آلاتها في أفاعيلها يفعل كيفية غير ملائمة للأجسام التي ندركها إذ من شأنه التفريق لما عرفت من أن الحرارة تحدث تفريقا ولا شك أن التفريق حالة غير ملائمة للأجسام فلذلك كانت الكيفية الحادثة من تأثير الحرارة غير ملائمة على حسب التفريق الحاصل من تأثيرها كما أشار إليه بقوله ففي الكثيف أي فيفعل الحار في القابل الكثيف كيفية غير ملائمة في الغاية وهي المرارة فإنها أبغض الطعوم وأبعدها عن الملاءمة ولو فرض ملاءمتها لبعض الأجسام كان ذلك لبعده عن الاعتدال لشدة المقاومة وكون التفريق عظيما يعني أن القابل إذا كان كثيفا قاوم الحرارة مقاومة شديدة ومنعها عن النفوذ فيه فتجتمع حينئذ أجزاء الحرارة وتتفرق تفريقا عظيما لأن الحرارة المجتمعة أشد تأثيرا فيكون أثرها
(٢٨)