المواقف - الإيجي - ج ١ - الصفحة ٦٣
علمنا بأن الجبال المعهودة لنا ثابتة والبحار غير غائرة وكالعلم بالأمور التي لا سبب لها ولا يجد الإنسان نفسه خالية عنها مثل علمنا بأن النفي والإثبات لا يجتمعان ولا يرتفعان والبديهي ما يثبته مجرد العقل أي يثبته بمجرد التفاته إليه من غير استعانة بحس أو غيره تصورا كان أو تصديقا فهو أخص من الضروري وقد يطلق مرادفا له والكسبي يقابل الضروري فهو العلم المقدور تحصيله بالقدرة الحادثة وأما النظري فهو ما يتضمنه النظر الصحيح هذه عبارة القاضي قال الآمدي معنى تضمنه له أنهما بحال لو قدر انتفاء الآفات وأضداد العلم لم ينفك النظر الصحيح عنه بلا إيجاب وتوليد مع أنه لا يحصل إلا معه ولم نقل ما يوجبه النظر الصحيح كما قاله بعضهم إذ ليس إيجاب النظر للعلم مذهبنا بل حصوله عقيبه بطريق العادة عندنا ولم نقل أيضا ما يحصل عقيبه إذ يدخل في الحد حينئذ بعض الضروريات أعني ما يحصل من الضروريات عقيب النظر الصحيح كالعلم بما يحدث به من الألم واللذة والفرح والغم ونحو ذلك فمن يرى أن الكسب لا يمكن إلا بالنظر لأنه لا طريق لنا إلى العلم مقدورا سواه فإن الإلهام والتعليم غير مقدورين لنا بلا شبهة وكذلك التصفية لاحتياجها إلى مجاهدات قلما يفي بها مزاج ولا معنى لكون العلم كسبيا مقدورا سوى أن طريقه مقدورا فهو أي النظري عنده الكسبي وتعريفا هما متلازمان فإن كل علم مقدور لنا يتضمنه النظر الصحيح وكل ما يتضمنه النظر الصحيح فهو مقدور لنا ومن
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»