يرى جواز الكسب بغيره بناء على أنه يجوز أن يكون هناك طريق آخر مقدور لنا وإن لم نطلع عليه جعله أخص بحسب المفهوم من الكسبي لكنه أي النظري يلازمه أي الكسبي عادة بالإنفاق من الفريقين المقصد الثالث إن كلا من التصور والتصديق بعضه ضروري بالوجدان فإن كل عاقل يجد من نفسه أن بعض تصوراته وكذا بعض تصديقاته حاصل له بلا قدرة منه ولا نظر فيه وإذ لولاه أي لولا أن بعضا من كل منهما ضروري لزم الدور أو التسلسل إذ حينئذ يكون كل واحد من التصور وكذا كل واحد من التصديق نظريا فإذا حاولنا تحصيل شيء منهما كان ذلك التحصيل مستندا إلى تصور أو تصديق آخر هو أيضا نظري مستند إلى غيره من التصورات أو التصديقات فإما أن يدور الاستناد في مرتبة من المراتب أو يتسلسل إلى ما لا يتناهى وهما يمنعان الاكتساب لأنهما باطلان ممتنعان كما سيأتي فما يتوقف عليهما كان باطلا ممتنعا وحينئذ يلزم أن لا يكون شيء من التصور والتصديق حاصلا لنا وهو باطل قطعا لا يقال إذا فرض أن الكل نظري فهذا الذي ذكرته من لزوم الدور أو التسلسل وكونهما مانعين من الاكتساب ومفضيين إلى أن لا يكون شيء من الإدراكات حاصلا لنا أيضا نظري على ذلك التقدير وحينئذ يمتنع إثباته لأن إثباته إنما يكون بنظري آخر فيلزم الدور أو التسلسل لما ذكرتم بعينه والحاصل أن دليلكم على بطلان كون الكل نظريا ليس يتم بجميع مقدماته لأن كونه تاما كذلك يستلزم المحال المذكور ولأنا نقول ما ذكرنا في دليلنا من التصورات والتصديقات نظري وغير معلوم على ذلك التقدير لا في نفس الأمر بل هو معلوم لنا في نفس الأمر فيبطل ذلك التقدير لاستلزامه خلاف الواقع أعني كون تلك
(٦٤)