العلم لأن محصل المعرفة بشيء لا بد أن يفيد تميزه عن غيره لامتناع حصول معرفته بدون تميزه واعلم أن الإمام الغزالي رحمه الله تعالى صرح في المستصفى بأنه يعسر تحديد العلم بعبارة محررة جامعة للجنس والفصل الذاتيين فإن ذلك متعسر في أكثر الأشياء بل في أكثر المدركات الحسية فكيف لا يعسر في الإدراكات الخفية ثم قال إن التقسيم المذكور يقطع العلم عن مظان الاشتباه والتمثيل بإدراك الباصرة يفهمك حقيقته فظهر أنه إنما قال بعسر التحديد الحقيقي دون التعريف مطلقا وهذا كلام محقق لا بعد فيه لكنه جار في غير العلم كما اعترف به المذهب الثالث أنه نظري لا يعسر تحديده وذكر له تعريفات الأول لبعض المعتزلة أنه اعتقاد الشيء على ما هو به وهو أي هذا التعريف غير مانع لدخول التقليد فيه إذا طابق الواقع فزيد لدفعه عن ضرورة أو دليل فاندفع دخول التقليد لكن بقي الاعتقاد الراجح المطابق أعني الظن الصادق الحاصل عن ضرورة أو دليل ظني داخلا فيه إلا إن يخص الاعتقاد بالجازم اصطلاحا فلا يدخل الظن فيه ويرد عليهم أي على أصحاب هذا التعريف خروج العلم بالمستحيل عنه فإنه ليس شيئا اتفاقا بخلاف المعدومات الممكنة التي اختلف فيها وقد أجاب بعضهم عن هذا بأن العلم لا يتعلق بالمستحيل فلا نقض به فأشار إلى رده بقوله ومن أنكر تعلق العلم بالمستحيل فهو مكابر لبديهة العقل فإن كل عاقل يجد من نفسه الحكم باستحالة اجتماع الضدين والنقيضين ولا يتصور ذلك إلا مع كون اجتماعهما
(٥٢)