المواقف - الإيجي - ج ١ - الصفحة ٥٧
والوهم فإن متعلق التمييز الحاصل فيها يحتمل نقيضه بلا خفاء وكذا خرج الجهل المركب لاحتمال أن يطلع في المستقبل صاحبه على ما في الواقع فيزول عنه ما حكم به من الإيجاب أو السلب إلى نقيضه وكذا خرج التقليد لأنه يزول بالتشكيك ومحصله أن العلم صفة قائمة بمحل متعلقة بشيء توجب تلك الصفة إيجابا عاديا كون محلها مميزا للمتعلق تمييزا لا يحتمل ذلك المتعلق نقيض ذلك التمييز فلا بد من اعتبار المحل الذي هو العالم لأن التمييز المتفرع على الصفة إنما هو له لا للصفة ولا شك أن تمييزه إنما هو لشيء تتعلق به تلك الصفة والتمييز وذلك الشيء هو الذي لا يحتمل النقيض وهذا الحد يتناول التصديق اليقيني وهو ظاهر والتصور أيضا إذ لا نقيض له لأن المتناقضين هما المفهومان المتمانعان لذاتيهما ولا تمانع بين التصورات فإن مفهومي الإنسان واللاإنسان مثلا لا يتمانعان إلا إذا اعتبر ثبوتهما لشيء وحينئذ يحصل هناك قضيتان متنافيتان صدقا وكذبا وكذا قولنا حيوان ناطق وحيوان ليس بناطق على التقييد لا يتمانعان إلا بملاحظة وقوع تلك النسبة إيجابا وارتفاعها سلبا أعني التصديقين اللذين أشير بهذين القولين إليهما بعد رعاية شروط التناقض فيهما وإطلاق النقيض على أطراف القضايا سواء كانت تلك الأطراف بمعنى السلب أو بمعنى العدول مجاز على التأويل لا يقال فعلى هذا جميع التصورات علم مع أن بعضها غير مطابق لأنا نقول لا يوصف التصور بعدم المطابقة أصلا فإنا إذا رأينا من بعيد شبحا هو حجر مثلا وحصل منه في أذهاننا صورة إنسان فتلك الصورة صورة للإنسان وعلم تصوري به والخطأ إنما هو في حكم العقل بأن هذه الصورة للشبح المرئي فالتصورات كلها مطابقة لما هي تصورات له موجودا كان أو معدوما ممكنا كان أم ممتنعا وعدم المطابقة في أحكام العقل المقارنة لتلك التصورات فلا إشكال وأورد على الحد المختار العلوم العادية وهي العلوم المستندة إلى العادة كعلمنا مثلا بأن الجبل الذي رأيناه فيما مضى لم ينقلب الآن ذهبا فإنها تحتمل النقيض فتخرج عن الحد مع كونها من أفراد المحدود وإنما كانت محتملة له لجواز خرق العادة فنقول مثلا في المثال المذكور إن
(٥٧)
مفاتيح البحث: الجهل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»