المواقف - الإيجي - ج ١ - الصفحة ٣٨٥
من العارض لما ارتسم من آلاتها وإذا اعتبرت من حيث أنها مدركة بالآلات انعكس الحال في العارضين سواء أخذا كليين أو جزئين قالوا فيجوز التنبيه على معنى كل من الوحدة والكثرة بصاحبتها إلا أن الوحدة لما كانت مبدأ الكثرة ومنها وجودها كان التنبيه عليها بالوحدة أولى من العكس بل لا يبعد أن يقال تعريف الكثرة بها تعريف حقيقي المقصر الثاني قد اختلف في وجودهما فأثبته الحكماء وأنكره المتكلمون وقد اطلعت أنت فيما مر على المأخذ من الجانبين فيقال من جانب المثبت الوحدة جزء من الواحد الموجود في الخارج فتكون موجودة فيه وأيضا لو كانت عدمية لم تتحقق إلا باعتبار العقل فلا يكون الواحد واحدا في نفسه وأيضا هي نقيض اللاوحدة العدمية وأيضا لا فرق بين وحدته وبين لا وحدته له وقد عرفت أجوبتها أيضا وقس حال الكثرة عليها ويقال من جانب النافي لو وجدت الوحدة لشاركت الوحدات في الوحدة وامتازت عنها بخصوصية فللوحدة وحدة أخرى وأيضا لو كانت موجودة لتوقف إنضمامها إلى الماهية على كونها واحدة لامتناع عروض الوحدة للمتصف بالكثرة وإذا كانت الوحدة عدمية كانت الكثرة المركبة منها كذلك وأيضا يمكن إجراء الدليلين فيها وقد تقدم جوابهما ويخص الوحدة هنا دليل دال على كونها وجودية هو أنه لو كانت الوحدة عدما لكان عدم الكثرة التي تقابلها لامتناع أن تكون عدما مطلقا أو عدما لشيء آخر لا تقابله وإذا كانت عدما للكثرة فالكثرة إما وجودية والوحدة جزؤها فتكون الوحدة أيضا موجودة على تقدير كونها معدومة وهذا خلف مع أنه المطلوب وإما عدمية فتكون الوحدة عدما للعدم فتكون ثبوتية وهذا قريب مما نقله عن الإمام الرازي في باب التعين والجواب عنه ما سبق هناك بعينه المقصر الثالث بين الوحدة والكثرة مقابلة قطعا إذ لا يجوز اجتماعهما في شيء واحد من جهة واحدة لكن مقابلة الوحدة والكثرة ليست ذاتية أي ليس بين ذاتيهما تقابل لأنهما لا تعرضان لموضوع واحد بالشخص أي ليستا منسوبتين بالعروض إلى موضوع واحد شخصي واتحاد الموضوع معتبر في المتقابلين مطلقا لأن التقابل هو امتناع اجتماع شيئين في موضوع واحد من جهة واحدة ومعنى ذلك أن العقل إذا لاحظهما وقاسهما إلى موضوع واحد شخصي جوز بمجرد ملاحظتهما ثبوت كل واحد منهما فيه على سبيل البدل دون الاجتماع من جهة واحدة لكن ربما امتنع ثبوت أحدهما له بسبب تعين الآخر فيه لأمر من خارج وليس الحال في الوحدة والكثرة كذلك لأن موضوع الوحدة جزء لموضوع الكثرة كما أن الوحدة جزء لها ولأن الوحدة متقدمة وجوبا على الكثرة لأنها مبدأ لها وجزء منها فلا تكون الوحدة متضايقة للكثرة لأن المتضايقين متكافئان لا تقدم لأحدهما على الآخر وجودا ولا تعقلا وأيضا يمكن تعقل الوحدة بدون الكثرة فلا تضايف بينهما ولا ضدا لها إذا ليس أحد الضدين متقدما على الآخر وجوبا والوحدة مقومة للكثرة فلا تكون الوحدة عدما لها فلا يكون التفاعل بينهما تقابل العدم والملكة ولا السلب والإيجاب لأن أحدهما لا يقوم الآخر ولا ضدا أيضا لأن أحد الضدين لا يقوم ضده وإنما جعل التقدم اللازم من التقويم دليلا على نفي التضايف والتضاد لأن دلالة التقدم على نفي التضايف ظاهرة جدا ويقرب منها دلالته على نفي التضاد بخلاف القسمين الباقيين فإن تعقل الملكة متقدم على تعقل العدم وكذا تعقل الإيجاب متقدم على تعقل
(٣٨٥)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (1)، الجواز (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 ... » »»