الهوية عن هويات الماهيات الموجودة وفيه بحث لأن ما ذكره يدل على أن الوجود والموجود لا يتمايزان في الخارج كتمايز السواد والأسود إلا أن هذا لا يستلزم أن تكون هوية الوجود في الخارج عين هوية الموجود كالسواد مثلا حتى يكون ما صدق عليه أحدهما هو عين ما صدق عليه الآخر لجواز أن يكون صدق عدم الامتياز بأن لا يكون للوجود هوية خارجية لكونه من المعقولات الثانية كيف ولو اتحد الوجود بالسواد ذاتا في الخارج لكان محمولا على تلك الذات مواطأة كالسواد وأيضا لم يكن لأحد شك في أن الوجود موجود كما لا شك في أن السواد موجود وبالجملة فالهوية الثابتة في الأعيان هوية السواد والوجود عارض لها ويمتاز عنها في العقل فقط فاشتق منه الموجود المحمول على تلك الهوية بالمواطأة فهذا القدر مسلم وإما أن تكون تلك الهوية ذات الوجود وماهيته المتعينة كما هي ذات السواد وماهيته المتعينة فممنوع نعم لما أثبت الحكماء الوجود الذهني فإنهم وإن وافقوه في ذلك أي وافقوا الشيخ في أن الوجود الخارجي لا يمتاز عن الماهية في الخارج بل هما متحدان هوية قالوا بأنه أي الوجود يغاير الحقيقة الخارجية ذهنا فإنه إذا تصور الماهية الموجودة في الخارج فصلها العقل إلى أمرين ماهية ووجود خارجي فيحصل هناك صورتان مطابقتان للماهية الخارجية على قياس ما قيل في الجنس والفصل ثم استشهد على أنهم وافقوا الشيخ في الاتحاد بحسب الخارج وإن خالفوه في التقارير بحسب الذهن بقوله فصرح ابن سينا في الشفاء أنه من المعقولات الثانية فليس في الأعيان عين هو وجود أو شيء إنما الموجود أو الشيء في الخارج جواد أو إنسان أو غيرهما من الحقائق فهذه الماهيات موجودات عينية متأصلة في الوجود وأما الوجود والشيئية فلا تأصل لهما في الأعيان بل
(٢٥١)