لا لكثرة الاستعمال والجملة الحالية أعني قوله والهمم قاصرة مؤولة بالظرف نظرا إلى قرب الحال من ظرف الزمان فصح وقوعها صلة لما وهذا من قبيل الميل إلى المعنى والإعراض عما يقتضيه اللفظ بظاهره أي انتفى حصول الشفاء والإرواء عن تلك الكتب في كل زمان لا مثل انتفائه في زمان قصور الهمم فإن هذا الانتفاء أقوى والرغبات في تعلمه فاترة والدواعي إليه قليلة والصوارف عنه متكاثرة ثم أنه بين ما أجمله من حال تلك الكتب بقوله فمختصراتها قاصرة عن إفادة المرام باختصارها المخل ومطولاتها مع الإسام بما فيها من الإسهاب الممل مدهشة للأفهام في الوصول إلى حقائق المسائل ثم زاد في ذلك البيان بذكر أحوال المصنفين في تصانيفهم الكلامية فقال فمنهم من كشف عن مقاصده أي مقاصد علم الكلام القناع بإزالة أستارها عنها ولكنه قنع من دلائله بالإقناع بما يفيد الظن ويقنع ومنهم من سلك المسلك السديد في الدلائل لكن يلحظ المقاصد ينظر إليهاا بمؤخرة عينه من مكان بعيد فلم يكشفها ولم يحررها ومنهم من غرضه نقل المذاهب التي ذهبت إليها طوائف من الناس واستقروا عليها والأقوال التي صدرت عمن قبله والتصرف بالرفع عطفا على نقل في وجوه الاستدلال وتكثير السؤال والجواب ولا يبالي إلام المآل إلى أي شيء مرجع نقله وتصرفه وتكثيره هل يترتب عليها ثمرة أو يزداد بها حيرة ومنهم من يلفق يجمع ويضم مغالط شبها يغلط فيها لترويج رأيه ولا يدري أن النقاد من ورائه فيزيفها ويفضحها ومنهم من ينظر في مقدمة مقدمة ويختار منها من المقدمات التي نظر فيها ما يؤدي إليه بادئ رأيه أي أوله بلا إمعان وتأمل ويبني عليها مطالبه وربما يكر يرجع ويحمل بعضها بعض تلك المقدمات على بعض بالإبطال ويتطرق إلى المقاصد بسبب
(٢٣)