وإعلائه ما طلع نجم وهوى وعلى آله نجوم الهدى ومصابيح الدجى يهتدى بهم في مسالك الأفكار ومنازل الأعمال وعلى جميع أصحابه ممن هاجر إليه من أوطانه أو نصر وآوى في مكانه وسلم عليه وعلى آله وأصحابه تسليما كثيرا وبعد شرع يبين الباعث على تأليف الكتاب فإن كمال كل نوع يعني أن كماله بعد تحصله وتكمله نوعا بمنوعه المسمى كمالا أول على الإطلاق إنما هو بحصول صفاته الخاصة به وصدور آثاره المقصودة منه ويسمى هذا الكمال كمالا ثانيا وأشار إلى أنه قسمان أحدهما صفات تخصه قائمة به غير صادرة عنه كالعلم للإنسان مثلا والثاني آثار صادرة عنه مقصودة منه بخصوصه فتختص به أيضا كالكتابة الصادرة عنه وكالمضاء للسيف وبحسب زيادة ذلك المذكور أعني الكمال الثاني ونقصانه بفضل بعض أفراده أي أفراد ذلك النوع بعضا إلى أن يعد أحدهم بألف (ولم أر أمثال الرجال تفاوتت * إلى المجد حتى عد ألف بواحد) بل يعد أحدهم سماء والآخر أرضا (الناس أرض بكل أرض * وأنت من فوقهم سماء) وأما تفاضل الأنواع فيما بينها فبحسب تفاضل منوعاتها المستتبعة لخواصها وآثارها المقصودة منها كما أشار إليه بقوله والإنسان مشارك لسائر الأجسام في الحصول في الحيز في المكان والفضاء الخالي عن المتحيز وللنباتات في الإغتداء والنشوء والنماء وللحيوانات العجم في حياته بأنفاسه وحركته بالإدارة وإحساسه وهذه الأمور المشتركة بينه وبين غيره ليست كمالا له من حيث أنه إنسان بل إنما هي للجسم مطلقا أو للجسم النامي أو للحيوان وإنما يتميز الإنسان عن هذه الأمور المشاركة فيما ذكر بما أعطي من القوة النطقية التي هي كماله الأول المنوع إياه وما يتبعها من الكمالات الثانية التي
(١٩)