المواقف - الإيجي - ج ١ - الصفحة ٣٤
لا تكاد تنحصر في عدد بل تتزايد بتعاقب الحوادث الفعلية فلا يتأتى أن يحاط بها كلها وإنما مبلغ من يعلمها هو التهيؤ التام لها أعني أن يكون عنده ما يكفيه في استعلامها إذا رجع إليه وإن استدعى زمانا بخلاف العقائد فإنها مضبوطة لا تزايد فيها أنفسها فلا تتعذر الإحاطة بها والاقتدار على إثباتها وإنما تتكثر وجوه استدلالاتها وطرق دفع شبهاتها وبالدينية المنسوبة إلى دين محمد صلى الله عليه وسلم صوابا كانت أو خطأ فإن الخصم كالمعتزلة مثلا وإن خطأناه في اعتقاده وما يتمسك به في إثباته لا نخرجه من علماء الكلام ولا يخرج علمه الذي يقتدر معه على إثبات عقائده الباطلة من علم الكلام المقصد الثاني موضوعه موضوع العلم الذي يراد تحصيله وإنما وجب تقديم موضوعه أي التصديق بموضوعيته ليمتاز العلم المطلوب عند الطالب مزيد امتياز إذ به أي بالموضوع تتمايز العلوم في أنفسها وبيان ذلك أن كمال النفس الإنسانية في قوتها الإدراكية إنما هو بمعرفة حقائق الأشياء وأحوالها بقدر الطاقة البشرية ولما كانت تلك الحقائق وأحوالها متكثرة متنوعة وكانت معرفتها مختلطة منتشرة متعسرة وغير مستحسنة اقتضى حسن التعليم وتسهيله أن تجعل مضبوطة متمايزة فتصدى لذلك الأوائل فسموا الأحوال والأعراض الذاتية المتعلقة بشيء واحد إما مطلقا أو من جهة واحدة أو بأشياء متناسبة تناسبا معتدا به سواء كان في ذاتي أو عرضي علما واحدا ودونوه على حدة وسموا ذلك الشيء أو تلك الأشياء موضوعا لذلك العلم لأن موضوعات مسائله راجعة إليه فصارت عندهم كل طائفة من الأحوال
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»