مبلغ ما يقع معه اليقين فإذا حصل اليقين فقد تم العدد ولا بد في المتواترات من تكرار وقياس خفي وأن تكون مستندة إلى المشاهدة فيكون الحاصل من التواتر علما جزئيا من شأنه أن يحصل بالإحساس فلذلك لا يقع في العلوم بالذات كالمحسوسات السابعة الوهميات في المحسوسات فإن حكم الوهم في الأمور المحسوسة صادق نحو كل جسم في جهة فإن العقل يصدقه في أحكامه على المحسوسات ولتطابقهما كانت العلوم الجارية مجرى الهندسيات شديدة الوضوح لا يكاد يقع فيها اختلاف الآراء كما وقع في غيرها بخلاف حكمه في المجردات والمعقولات الصرفة فإنه إذا حكم عليها بأحكام المحسوسات كان حكمه هناك كاذبا كحكمه بأن كل موجود لا بد أن يكون في جهة وفي مكان واعلم أن العمدة من هذه المبادئ الأول السبعة هي الأوليات إذ لا يتوقف فيها إلا ناقص الغريزة كالبله والصبيان أو مدنس الفطرة بالعقائد المضادة للأوليات كما لبعض الجهال والعوام ثم القضايا الفطرية القياس ثم المشاهدات ثم الوهميات وأما المجريات والحدسيات والمتواترات فهي وإن كانت حجة للشخص مع نفسه لكنها ليست حجة له على غيره إلا إذا شاركه في الأمور المقتضية لها من التجربة والحدس والتواتر فلا يمكن أن يقنع جاحدها على سبيل المناكرة ووجه الحصر الاستقرائي في هذه السبع أن تصور الطرفين إن كفى في حكم العقل فهو الأوليات وإن لم يكف فإما أن يحتاج العقل إلى أمر ينضم إليه ويعينه في الحكم فذلك الأمر إن كان هو التوهم فهو الوهميات وإن كان غيره فهو المشاهدات أو يحتاج إلى أمر ينضم إلى القضية التي يحكم العقل بها ولا شك أن ذلك الأمر يكون مبادئ لتلك القضية فإن
(١٩٨)