الرابعة المجربات وهي ما يحكم بها العقل بواسطة الحس مع التكرار ولا بد مع ذلك من قياس خفي هو أن الوقوع المتكرر على نهج واحد دائما أو أكثريا لم يكن اتفاقيا بل لا بد أن يكون هناك سبب وإن لم يعرف ماهية ذلك السبب وإذا علم حصول ذلك السبب حكم بوجود المسبب قطعا وذلك مثل حكمنا بأن الضرب بالخشب مؤلم وبأن شرب السقمونيا مسهل الخامسة الحدسيات وهي قضايا مبدأ الحكم بها حدس قوي يزول معه الشك كعلم الصانع باتقان فعله فإنا لما شاهدنا أن أفعاله تعالى محكمة متقنة حكمنا بأنه عالم حكما حدسيا وكذا لما شاهدنا اختلاف حال القمر في تشكلاته النورية بحسب اختلاف أوضاعه من الشمس حدسنا منه أن نوره مستفاد من نورها ولا بد في الحدسيات من تكرار المشاهدة ومقارنة القياس الخفي كما في المجريات والفرق بينهما أن السبب في المجريات معلوم السببية مجهول الماهية فلذلك كان القياس المقارن لها قياسا واحدا وهو أنه لو لم يكن لعلة لم يكن دائما ولا أكثريا وأن السبب في الحدسيات معلوم السببية والماهية معا فلذلك كان المقارن لها أقيسة مختلفة بحسب اختلاف العلل في ماهياتها السادسة المتواترات وهي ما يحكم بها بمجرد خبر جماعة يمتنع تواطؤهم على الكذب كحكمنا بوجود مكة وجالينوس ومن اعتبر في التواتر عددا معينا فقد أحال فإن ذلك مما يختلف بحسب الوقائع والضابط
(١٩٧)