حيث أنه فرد من أفراد النظر كذلك فلا تكون الكلية ولا المهملة ضرورية بل نظرية موقوفة على تلك المشخصة ولا استحالة فيه فإن قلت لا شك أن الكلية مشتملة على أحكام الجزئيات كلها فإذا أثبتت الكلية بحكم جزئي معين فقد أثبت حكم ذلك الجزئي بنفسه قلت حكمه من حيث خصوصية ذاته غير حكمه من حيث أنه فرد من أفراد موضوع الكلية فالأول ضروري أثبت به هذا الثاني النظري فلا محذور أصلا واعلم أن ذكر المهملة في تحقيق الجواب استطراد لأن لزوم إثبات الشيء بنفسه إنما يظهر في إثبات الكلية بالنظر وأما إثبات المهملة بالنظر فلازمه الظاهر هو التسلسل ولذلك قال في المحصل الحكم بأن النظر قد يفيد العلم نظري والتسلسل غير لازم لجواز الانتهاء إلى نظر مخصوص يكون الحكم بكونه مفيدا للعلم بديهيا كقولنا النتيجة في القياس الضروري الاستلزام والمقدمات ابتداء أو بواسطة قطعية لازمة لما هو حق فتكون حقة وقد قررنا لك هذا النظر على وجه يفيد القضية الكلية وقد عرفت أن إثبات الحكم الكلي بحكم جزئي معين لا يستلزم إثبات الشيء بنفسه كما ادعاه الإمام الرازي فكن على بصيرة ثم عورضت هذه الشبهة فقيل قولكم لا شيء من النظر بمفيد للعلم إن كان ضروريا لم يختلف فيه أكثر العقلاء وهذا لا يمنع إذ لا يتصور إنكار أكثر العقلاء وهذا لا يمنع إذ لا يتصور إنكار أكثر العقلاء لحكم بديهي بخلاف إنكار أقلهم إياه فإنه جائز كما مر وإن كان نظريا لزم إثباته بنظر خاص يفيد العلم به وأنه تناقض صريح لأن المدعى سالبة كلية قد أثبتت بموجبة جزئية مناقضة إياها وهذه المعارضة إنما تتم إذا ادعى الخصم اليقين بهذه السالبة الكلية إذ يلزمه التناقض على تقدير كونها نظرية وأما إذا كان غرضه التشكيك حتى لا يثبت كون النظر مفيدا للعلم فله أن يختار أن هذا النظر الخاص يفيد الظن بعدم الإفادة فلا
(١٢٩)