وأكثر وذلك بأن لأن لا يكون المطلوب مستندا ابتداء إلى مقدمات ضرورية بل ينتهي إليها بوسائط على مراتب متفاوتة في الكثرة وقليلة وأقل وذلك بأن يستند إلى الضروريات مثلا بواسطة واحدة أو ستند إليها ابتداء مع تفاوتها أي تفاوت المقدمات في الجلاء والخفاء وإن كانت ضرورية باعتبار تفاوت في تجريد الطرفين كما مر تقريره وأنت خبير بأن الاختلاف بحسب المادة يجري في المعرف أيضا فإن أجزاءه قد تكون ضرورية متفاوتة في الجلاء وقد تكون نظرية منتهية إلى الضروريات بواسطة أو وسائط بخلاف الاختلاف بحسب الصورة فلذلك خص الدليل بالذكر فإن أريد بجلاء النظر وخفائه ذلك الذي ذكرناه فهو لا يعرض للنظر حقيقة بل للدليل أو المعرف والتجوز لا يمنعه بل يجوز أن يوصف النظر بما هو من صفات ما وقع النظر فيه ويحمل على هذا التجوز ما وقع في كلامهم من أن هذا نظر جلي وذاك نظر خفي وإن أريد بجلاء النظر وخفائه غيره أي غير ما ذكرنا فلا ثبت له أي لا دليل له يدل على ثبوته المقصد الثالث النظر الصحيح المشتمل على شرائطه بحسب مادته وصورته يفيد العلم بالمنظور فيه عند الجمهور وأما إفادته للظن فقد قيل إنها متفق عليها عند الكل ولا بد قبل الشروع في الاستدلال من تحرير محل النزاع ليتوارد النفي والإثبات على محل واحد فقال الإمام الرازي قد يفيد أي النظر العلم فيكون المدعى موجبة جزئية قال في المحصل الفكر المفيد للعلم موجود وهو أي هذا المدعى الجزئي وإن سهل بيانه فإن قولنا هذا حادث وكل حادث محتاج إلى مؤثر يفيدنا العلم بأن هذا محتاج إلى المؤثر فقد وجد نظر مفيد للعلم بلا شبهة قل جدواه لأن المقصود الأصلي من إثبات كون الظن الصحيح مفيدا للعلم أن يستدل به على أن الأنظار الصحيحة الصادرة منا مفيدة للعلم بأن يقال مثلا هذا نظر صحيح وكل نظر صحيح له يفيد العلم فهذا يفيد العلم وإذا
(١٢٤)