الشبهة الثالثة النظر لو أفاد العلم وأعلم أن ذلك المفاد علم فمع العلم بعدم المعارض المقاوم إذ معه أي مع المعارض وظهوره للناظر يحصل التوقف لأن الجزم بمقتضاهما يوجب اعتقاد النقيضين وبمقتضى أحدهما دون الآخر يوجب الترجيح بلا مرجح فإذا لم يعلم عدم المعارض وجوز وجوده لم يعلم أن ما أفاده النشر علم وحق بل جوز كون نقيضه حقا وعدمه ليس ضروريا وإلا لم يقع المعارض أي لم ينكشف وجوده بعد النظر وكثيرا ما ينكشف فهو نظري ويحتاج إلى نظر آخر يفيده وهو أي ذلك النظر الآخر أيضا محتمل لقيام المعارض فلا يعلم أيضا أن ما أفاده علم وحق إلا بعد العلم بعدم ما يعارضه وليس ضروريا بل نظري يحتاج إلى نظر ثالث ويتسلسل فيتوقف حصول العلم من النظر على أنظار غير متناهية قلنا النظر الصحيح في المقدمات القطعية كما يفيد العلم بحقية النتيجة يفيد العلم بعدم المعارض يعني كما أن العلم بأن النتيجة حقة أي بأن الاعتقاد الحاصل بعد النظر علم متوقف على وجود النظر الحاصل بعده بطريق الضرورة دون الكسب وظهور الخطأ فيه بعد النظر الصحيح القطعي ممنوع على ما مر كذلك العلم بعدم المعارض ضروري حاصل بعد ذلك النظر وانكشاف المعارض بعده ممنوع بل هذا أولى بأن يكون ضروريا لأن العلم الأول يتوقف عليه ولم يرد بإفادته النظر الصحيح القطعي للعلم بحقية النتيجة والعلم بعدم المعارض أنهما علمان نظريان مستفادان من ذلك النظر بطريق الكسب كما توهم فإنه باطل لأن المكتسب منه هو العلم بالنتيجة نفسها لا العلم بأن النتيجة حقة أو بأن المعارض معدوم بل أراد أنه إذا لوحظ النتيجة من حيث أنها نتيجة لذلك النظر ولوحظ معنى الحقية جزم بأنها حقة جزما بديهيا لا يتوقف إلا على تصور طرفيه وكذلك إذا لوحظ المعارض من حيث أنه معارض لذلك النظر ولوحظ معنى العدم جزم بأنه معدوم قطعا ألا ترى إلى قوله المعارض في نفس الأمر ضروري أي يعلم
(١٣٣)