أن أزورك فتحدثنا ساعة ثم أخرج ورقة وقال: الهدية مستحبة، اشتر بهذه أقلاما وقام، فإذا خمسة دنانير ثم صعد مرة أخرى ووضع نحوا من ذلك وكان إذا قرأ الحديث يسمع صوته في آخر الجامع كان يقرأ معربا صحيحا.
وقال ابن شافع: خرج الخطيب فقصد صور وبها عز الدولة أحد الأجواد وتقرب منها فانتفع به وأعطاه مالا كثيرا انتهى إليه الحفظ والإتقان والقيام بعلوم الحديث.
قال ابن عساكر: سمعت الحسين بن محمد يحدث عن أبي الفضل بن خيرون أو غيره أن الخطيب ذكر أنه لما حج شرب من ماء زمزم ثلاث شربات وسأل الله ثلاث حاجات آخذا بالحديث (ماء زمزم لما شرب له) فالحاجة الأولى: أن يحدث بتاريخ بغداد بها، والثانية: أن يملي الحديث بجامع المنصور، والثالثة: أن يدفن عند بشر الحافي، فقضى الله له ذلك.
وذكر أبو الفرج الإسفرائيني أن الخطيب كان معهم في الحج فكان يختم كل يوم ثم يجتمع عليه الناس وهو راكب يقولون: حدثنا، فيحدث. وقال عبد المحسن الشيحي: عادلت الخطيب من دمشق إلى بغداد فكان له في كل يوم وليلة ختمة.
وقال السمعاني: سمعت من ستة عشر من أصحابه وله ستة وخمسون مصنفا ثم سرد أكثرها.
وقد أنشد السلفي لنفسه:
تصانيف ابن ثابت الخطيب * ألذ من الصبي الغض الرطيب يراها إذ رواها من حواها * رياضا للفتى اليقظ اللبيب ويأخذ حسن ما قد صاغ منها * بقلب الحافظ الفطن الاريب فأية راحة ونعيم عيش * يوازي كتبها بل أي طيب وقال أبو محمد بن الأبنوسي: سمعت الخطيب يقول: كل من ذكرت فيه أقاويل الناس من جرح وتعديل فالاعتماد على ما أخرت.