جامع بيان العلم وفضله - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٨٨
ما قلت أنا وكلانا نجم يهتدي به فلا علينا شيء من اختلافنا والصواب مما اختلف فيه وتدافع وجه واحد ولو كان الصواب في وجهين متدافعين ما خطأ السلف بعضهم بعضا في اجتهادهم وقضائهم وفتواهم والنظر يأبى أن يكون الشيء وضده صوابا كله ولقد أحسن القائل إثبات ضدين معا في حال أقبح ما يأتي من المحال ومن تدبر رجوع عمر إلى قول معاذ في المرأة الحامل وقوله لولا معاذ هلك عمر علم صحة ما قلنا وكذلك رجع عثمان في مثلها إلى قول على وروي أنه رجع في مثلها إلى قول ابن عباس وروي أن عمر إنما رجع فيها إلى قول علي وليس كذلك إنما رجع عمر إلى قول معاذ في التي أراد رجمها حاملا فقال له معاذ ليس لك على ما في بطنها سبيل ورجع إلى قول علي في التي وضعت لستة أشهر روى قتادة عن ابن أبي حرب ابن أبي الأسود عن أبيه أنه رفع إلى عمر امرأة ولدت لستة أشهر فهم عمر برجمها فقال له علي ليس ذلك لك قال الله تبارك وتعالى والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين وقال وحمله وفصاله ثلاثون شهرا لا رجم عليها فخلى عمر عنها فولدت مرة أخرى لذلك الحد ذكره عفان عن يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة ورجع عثمان عن حجبة الجد بالأخ إلى قول علي ورجع عمر وابن مسعود عن مقاسمة الجد إلى السدس إلى قول زيد في المقاسمة إلى الثلث ورجع علي عن موافقته عمر في عتق أمهات الأولاد وقال له عبيدة السلماني رأيك مع عمر أحب إلي من رأيك وحدك وتمادى علي على ذلك فأرقهن ورجع ابن عمر إلى قول ابن عباس فيمن توالي عليه رمضانان وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ردوا الجهالات إلى السنة وفي كتاب عمر إلى أبي موسى الأشعري لا يمنعك قضاء قضيته بالأمس راجعت فيه نفسك وهديت فيه لرشدك أن ترجح فيه إلى الحق فإن الحق قديم والرجوع إلى الحق أولى من التمادي في الباطل وروي عن مطرف بن الشخير أنه قال لو كانت الأهواء كلها واحدا لقال القائل لعل الحق فيه فلما تشعبت وتفرقت عرف كل ذي عقل أن الحق لا يتفرق وعن مجاهد ولا يزالون مختلفين قال أهل الباطل إلا من رحم ربك قال أهل الحق ليس بينهم اختلاف وقال أشهب سمعت مالكا يقول ما الحق إلا
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»