جامع بيان العلم وفضله - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٣٣
على الناس زمان يسمن الرجل راحلته ثم يسير عليها حتى تهزل يلتمس من يفتيه بسنة فلا يجد من يفتيه بالظن وروى عن مالك رحمه الله أنه كان يقول إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين وذكر خالد بن الحارث عن عبيد الله بن الحسن العنبري قاضي البصرة ومفتيها أنه قال في نفقة الولد البالغ المدرك أنه لا تلزم الوالد قيل له أفيعطهيم الوالد من زكاة ماله قال إنما قولي لا تلزمه نفقتهم رأى ولا أدري لعله خطأ وأكره أن يغرر بزكاته فيعطيها ولده الكبار وهو يجد موضعا لا شك فيه وأخبرنا أحمد بن سعيد قال حدثنا ابن أبي دليم قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا إبراهيم بن محمد ابن يوسف الفريابي قال حدثنا ضمرة بن ربيعة عن عثمان عن عطاء عن أبيه قال سئل بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء فقال إني لأستحي من ربي أن أقول في أمتي محمد برأي وقال عطاء وأضعف العلم أيضا علم النظر أن يقول الرجل رأيت فلانا يفعل كذا ولعله قد فعله ساهيا ومن فصل لابن المقفع في اليتيمة قال ولعمري أن لقولهم ليس الدين خصومة أصلا يثبت وصدقوا ماالدين بخصومة ولو كان خصومة لكان موكولا إلى الناس يثبتونهم بآرائهم وظنهم وكل موكول إلى الناس رهينة ضياع وما ينقم على أهل البدع إلا أنهم ااتخذوا الدين رأي وليس الرأي ثقة ولا حتما ولم يتجاوز الرأي منزلة الشك والظن إلا قريبا ولم يبلغ أن يكون يقينا ولا ثبتا ولستم سامعين أحدا يقول لأمر قد استيقنه وعلمه أرى أنه كذا وكذا فلا أجد أحدا استخفافا بدينه ممن اتخذ رأيه ورأي الرجال دينا مفروضا قال أبو عمر إلى هذا المعنى والله أعلم أشار مصعب الزبيري في قوله فاترك ما علمت لرأي غيري وليس الرأي كالعلم اليقين وهي أبيات كثيرة أنشدها مصعب ثم ذكر ابن أبي خيثمة أنها شعره وسنذكر الأبيات بتمامها في باب ما تكره المناظرة والجدال من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى ولا أعلم بين متقدمي علماء هذه الأمة وسلفها خلافا أن الرأي ليس بعلم حقيقة وأفضل ما روي عنهم في الرأي أنهم قالوا نعم وزير العلم الرأي الحسن وأما أصول العلم فالكتاب والسنة فتنقسم السنة قسمين أحدهما اجماع تنقله الكافة عن الكافة فهذا من الحجج القاطعة للأعذار إذا لم يوجد هناك خلاف ومن
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»