جامع بيان العلم وفضله - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ١٧٣
أنفسهم منه فهذا هو الطالب المتمسك بما عليه السلف الصالح وهو المصيب لحظه والمعاين لرشده والمتبع لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وهدى صحابته رضي الله عنهم ومن أعف نفسه من النظر وأضرب عما ذكرنا وعارض السنن برأيه ورام أن يردها إلى مبلغ نظره فهو ضال مضل ومن جهل ذلك كله أيضا وتقحم في الفتوى بلا علم فهو أشد عمى وأضل سبيلا لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي وقد علمت أنني لا أسلم من جاهل معاند لا يعلم ولست بناج من مقالة طاعن ولو كنت في غار علي جبل وعر ومن ذا الذي ينجو من الناس سالما ولو غاب عنهم بين خافيتي نسر واعلم يا أخي أن السنة والقرآن هما أصل الرأي والعيار عليه وليس الرأي بالعيار على السنة بل السنة عيار عليه ومن جهل الأصل لم يصل الفرع أبدا وقال ابن وهب حدثني مالك أن إياس بن معاوية قال لربيعة أن الشيء إذا بني على عوج لم يكد يعتدل قال مالك يريد بذلك المفتي الذي يتكلم على أصل يبني عليه كلامه قال أبو عمر ولقد أحسن صالح بن عبد القدوس حيث يقول يا أيها الدارس علما ألا تلتمس العون على درسه لن تبلغ الفرع الذي رمته ببحث منك عن أسه ولمحمود الوارق القول ما صدقه الفعل والفعل ما صدقه العقل لا يثبت الفرع إذا لم يكن بقوله من تحته الأصل ومن ابيات لابن معدان وكل ساع بغير علم فرشده غير مستبان والعلم حق له ضياء في القلب والعقل واللسان قرأت على أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد أن محمد بن معاوية حدثهم قال حدثنا إسحاق ابن أبي حسان قال حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا عبد الحميد بن حبيب قال حدثنا الأوزاعي قال حدثنا حسان بن عطية أن أبا الدرداء كان يقول لن
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»