الكافي - ابن عبد البر - الصفحة ١٣٦
طواف القادم مكة وبين من نسي السعي شوطا فعلى هذه الرواية عنده الطوافان جميعا واجبان والسعي أيضا لأن ما لا بد من عمله والانصراف إليه ولا يجبر بالدم فهو فرض لا شك عندهم فيه ومن قال الطوافان واجبان رأى أن كل واحد منهما ينوب عن صاحبه ويقضي عن الحاج فرض طوافه بالبيت إذا نسي الآخر أو دخل عليه فيه ما يفسده ولم يذكر ذلك حتى رجع إلى بلده ويدلك على ذلك من قول مالك ما ذكره ابن عبد الحكم عنه فيمن أهل بالحج من مكة ومن هو أهلها أو غيرهم أنه لا يطوف ولا يسعى حتى يرجع من منى لأنه لا يطوف الحاج المكي بالبيت ويسعى قبل عرفة إلا إذا قدم من الحل قال فإن طاف الذي أحرم من مكة وسعى قبل خروجه إلى منى فليعد ذلك إذا رجع من منى بعد رمي الجمرة فإن لم يفعل حتى يخرج إلى بلاده فليهد هديا قال أبو عمر معلوم عند الجميع أنه لو طاف للإفاضة وسعى لم يؤمر بهدي لأنه قد رمى الجمرة بمنى بعد وقوفه بعرفة وقال ابن عبد الحكم في موضع آخر من كتابه ان طاف الذي يحرم من مكة أعاد الطواف قبل أن يصدر فإن صدر ولم يطف بالبيت فليهرق دما وقال أبو عمر فإذا كان طواف الذي يحرم بالحج من مكة وسعيه في حين خروجه من مكة إلى منى ينوب عنده مع الدم عن طواف الإفاضة فيما ذكره ابن عبد الحكم عن مالك وكذلك ذكر أبو الفرج عنه كان طواف القادم من الحل وسعيه أولى بذلك لأنه وضع الطواف في موضعه ولمم يضعه الذي شأنه أن يحرم من مكة في موضعه وروى ابن القاسم وغيره عن مالك فيمن طاف طواف الإفاضة على غير وضوء أنه يرجع من بلده فيفيض ألا أن يكون طاف تطوعا بعد فعل ذلك وكذلك ذكر أبو الفرج إلا أنه لم يقل بعد ذلك وقد أجمع مالك وأصحابه على أن طواف الإفاضة فرض وأن من نسيه أو طافه على غير وضوء ثم تطوع بعده بطواف طافه قبل خروجه من مكة أنه يجزئه تطوعه عن الواجب المفترض عليه من طوافه وكذلك أجمعوا ان من فعل في حجه شيئا تطوع به من عمل الحج وذلك الشئ واجب في الحج قد جاء وقته فإن تطوعه ذلك يصير للواجب لا للتطوع لأنه عمل من عمل الحج في حين الحج بخلاف الصلاة فإذا كان التطوع ينوب في الحج عن الفرض لما وصفنا كان الطواف لدخول مكة أحرى أن ينوب عن طواف الإفاضة مع الدم لأن أقل
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»