التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢٢ - الصفحة ٢١٦
هذا حديث لم يختلف عن مالك في إسناده فيما علمت ورواه كما رواه مالك سواء عن هشام بإسناده هذا جماعة من الأئمة الحفاظ منهم الثوري وابن عيينة والقطان وغيرهم وقد رواه معمر عن الزهري عن عروة عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل حديث هشام سواء وقد روى هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم أبو هريرة كما روته أم سلمة وفي هذا الحديث من الفقه أن البشر لا يعلمون ما غيب عنهم وستر من الضمائر وغيرها لأنه قال صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إنما أنا بشر أي إني من البشر ولا أدري باطن ما تتحاكمون فيه عندي وتختصمون فيه إلي وإنما أقضي بينكم على ظاهر ما تقولون وتدلون به من الحجاج فإذا كان الأنبياء لا يعلمون ذلك فغير جائز أن يصح دعوى ذلك لأحد غيرهم من كاهن أو منجم وإنما يعلم الأنبياء من الغيب ما أعلموا به بوجه من وجوه الوحي وفيه أن بعض الناس أدرى بموقع الحجة وتصرف القول من بعض قال أبو عبيد معنى قوله ألحن بحجته يعني أفطن لها وأحدى بها قال أبو عبيدة اللحن بفتح الحاء الفطنة واللحن بالجزم الخطأ في القول وفيه أن بعض الناس أدرى بموقع الحجة وتصرف القول من بعض قال أبو بينات على حسبما أحكمته السنة في ذلك وفي ذلك رد وإبطال للحكم بالهوى قال الله عز وجل * (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى) * 281 الآية وقد احتج بعض أصحابنا بهذا الحديث في رد حكم القاضي بعلمه لقوله فأقضي له على نحو ما أسمع منه ولم يقل على نحو ما علمت منه قال وإنما تعبدنا بالبينة والإقرار وهو المسموع الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم إما أقضي على نحو ما أسمع قال والعلة في القضاء بالبينة دون
(٢١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»