وذكر الوليد بن مزيد (49) عن الأوزاعي أنه سئل عن رجل أم قوما فأخذ عليه أجرا فقال لا صلاة له وكرهه أبو حنيفة وأصحابه وهذه المسألة معلقة من التي قبلها وأصلهما واحد وفي هذه المسألة اعتلالات يطول ذكرها وفيه أيضا من الفقه أن الصداق كل ما وقع عليه اسم شيء مما يصح تملكه قل أو كثر لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل له التمس ربع دينار فصاعدا ولا عشرة دراهم فصاعدا ألا ترى إلى قوله هل عندك من شيء تصدقها ثم قال التمس ولو خاتما من حديد فقال أصحابنا يريد بقوله التمس شيئا وهل عندك من شيء أي من شيء تقدمه إليها من صداقها لأن عادتهم جرت بأن يقدموا من الصداق بعضه وقال الشافعي وأصحابه يريد شيئا تصدقها إياه فيقتضي أن كل شيء وجده مما يكون ثمنا لشيء جاز أن يكون صداقا قل أو كثر وقد مضى القول في هذا المعنى مجودا في باب حميد من هذا الكتاب (50) وأما اختلاف العلماء في مبلغ أقل الصداق فذهب مالك وأصحابه إلى أن النكاح لا يكون بأقل من ربع دينار ذهبا أو ثلاثة دراهم كيلا من ورق أو قيمة ذلك من العروض قياسا على قطع اليد لأنه عضو يستباح بمقدر من المال فاشبه قطع اليد ولم يكن بد من التقدير في ذلك لأن الله شرط عدم الطول في نكاح الإماء وقلما يعدم الإنسان ما يتمول أو يتملك وقد ذكرنا الحجة لهذا القول في باب حميد الطويل من هذا الكتاب (51) وقال أبو حنيفة وأصحابه لا يكون المهر أقل من عشرة دراهم قياسا أيضا على ما تقطع اليد فيه عندهم واحتجوا بحديث يروى عن جابر عن
(١١٥)