التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢٠ - الصفحة ١٩٩
منها من وجبت عليه فتركها وهو قادر عليها وإنما عليه أن يجيء بها ويعود إليها إذا كان قادرا عليها كسائر المفروضات المعينات في العبادات ولم يبق بعد هذا البيان إلا الكلام هل يتعين وجوبها في كل ركعة أو مرة واحدة في الصلاة كلها على ظاهر الحديث لأنه لا يخلو قوله صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وقوله من صلى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج غير تمام من أن يكون على ظاهره أو يكون معنى قوله كل صلاة كل ركعة فإن كان الحديث على ظاهره فينبغي أن يكون من صلى صلاة من أربع ركعات أو ثلاث أو ركعتين فقرأ فيها مرة واحدة بفاتحة الكتاب أن تجزئه صلاته تلك وتكون تامة غير خداج لأنها صلاة قد قرئ فيها بأم القرآن فليست بخداج غير تمام بل هي تمام لا خداج فيها إذا قرئ فيها بأم القرآن على ظاهر الحديث على ما ذهب إليه بعض أهل البصرة والمغيرة المخزومي فلما رأينا جماعتهم وجمهورهم وعامتهم التي هي الحجة على من خالفها ولا يجوز الغلط عليها في التأويل ولا الاتفاق على الباطل ولا التواطؤ عليه مع اختلاف مذاهبها وتباين آرائها قد اتفقوا إلا من شذ ممن لا يعد خلافا على الجمهور بل هو محجوج بهم ومأمور بالرجوع إليهم إذ (36) شذ عنهم اتفقوا على أن من لم يقرأ في ركعتين من صلاته أنه لا تجزئه صلاته تلك وعليه إعادتها وهو في حكم من لم يصلها استدللنا بهذا الاتفاق والإجماع في هذا المعنى على أن قوله صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمن يقرأ فيها بفاتحة الكتاب ومن صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرى فهي خداج بغير تمام معناه كل ركعة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وكذلك قال جابر بن عبد الله رحمه الله كل ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصل إلا وراء الإمام وجابر أحد علماء الصحابة الذين يسلم لهم في التأويل لمعرفتهم بما خرج عليه القول ولا خلاف بين أهل العلم والنظر أن المسألة إذا كان فيها وجهان فقام الدليل على بطلان الوجه
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»