التمهيد - ابن عبد البر - ج ١٩ - الصفحة ٢٩٣
خوف خروج الوقت وهذا كله قول أبي حنيفة ومحمد وحجتهم أن ذكر الله المرضى والمسافرين في شرط التيمم خرج على الأغلب فيمن لا يجد الماء والحاضرون الأغلب عليهم وجود الماء فلذلك لم ينص عليهم فإذا لم يجد الحاضر الماء أو منعه منه مانع وجب عليه التيمم للصلاة ليدرك وقتها لأن التيمم عندهم إنما ورد لآدراك وقت الصلاة وخوف فوته وكذلك أمر الله بالتيمم حفظا للوقت ومراعاته فكل من لم يجد الماء تيمم المسافر بالنص والحاضر بالمعنى وكذلك المريض بالنص والصحيح بالمعنى والله أعلم وقال الشافعي لا يجوز للحاضر الصحيح أن يتمم إلا أني خاف التلف وبه قال الطبري وقال أبو يوسف وزفر لا يجوز التيمم في الحضر إلا لمرض ولا لخوفه خروج الوقت وحجة هؤلاء أن الله جعل التيمم رخصة للمريض والمسافر كالفطر وقصر الصلاة ولم يبح التيمم إلا بشرط المرض وأ السفر فلا دخول للحاضر في ذلك لخروجه من شرط الله تبارك اسمه والكلام بين الفرق في هذه المسألة طويلا وبالله التوفيق وقال الشافعي أيضا والليث والطبري إذا عدم الماء في الحضر مع خوف (146) فوت الوقت للصحيح والسقيم تيمم وصلى ثم أعاد فصل التيمم للمريض والمسافر إذا لم يجد الماء بالكتاب والسنة والإجماع إلا ما ذكرت لك في تيمم الجنب فإذا وجد المريض أو السمافر الماء حرم عليه التيمم إلا أن يخاف المريض ذهاب نفسه وتلف مهجته فيجوز له حينئذ التيمم مع وجود الماء بالسنة لا بالكتاب إلا أن يتأول ولا تقتلوا أنفسكم (147) وقد أبان رسول الله صلى الله عليه وسلم التيمم لعمرو بن
(٢٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 ... » »»