بذلك على أصول مذاهب العلماء به ويوقف بذلك على المعنى الجاري فيه منها الربا في الزيادة وأما باب المزبانة في بيع الزيت بالزيتون واللحم بالحيوان والزبد باللبن والعنب بالعصير الحلو وما أشبه ذلك كله فقد مضت منه أصول عند ذكر المزابنة في مواضع من كتابنا هذا منها حديث داود بن الحصين وحديث ابن شهاب عن سعيد وحديث نافع عن ابن عمر وذكرنا هنالك من معنى المزابنة ما يوقف به على المراد من مذاهب العلماء في ذلك إن شاء الله وأما قوله صلى الله عليه وسلم أينقص الرطب إذا يبس على ما في حديث هذا الباب فللعلماء فيه قولان أحدهما وهو أضعفهما أنه استفهام استفهم عنه أهل النخيل والمعرفة بالتمور والرطب ورد الأمر إليهم في علم نقصان الرطب إذا يبس ومن زعم ذلك قال إن هذا أصل في رد المعرفة بالعيوب وقيم المتلفات إلى أرباب النصاعات والقول الآخر وهو أصحهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستفهم عن ذلك ولكنه قرر أصحابه على صحة نقصان الرطب إذا يبس ليبين لهم المعنى الذي منه منع فقال لهم أينقص الرطب أي أليس ينقص الرطب إذا يبس وقد نهيتكم عن بيع التمر بالتمر إلا مثلا بمثل فهذا تقرير منه وتوبيخ وليس باستفهام في الحقيقة لأن مثل هذا لا يجوز جهله على النبي صلى الله عليه وسلم والاستفهام في كلام العرب قد يأتي بمعنى التقرير كثيرا وبمعنى التوبيخ كما قال الله عز وجل * (وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين) * 219 فهذا استفهام معناه التقرير وليس معناه أنه استفهام (220) عما جهل (221) جل الله وتعالى عن ذلك ومن التقرير أيضا بلفظ الاستفهام قوله عز وجل * (آلله أذن لكم أم على الله تفترون) *
(١٩٢)