التمهيد - ابن عبد البر - ج ١٧ - الصفحة ٣١٩
وامسحيه بالنهار (وهذا عندي وإن كان ظاهره مخالفا لحديث هذا الباب لما فيه من إباحته بالليل وقوله في هذا الحديث لا مرتين أو ثلاثا على الإطلاق فإن ترتيب الحديث والله أعلم على أن الشكاة التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم لا لم تبلغ والله أعلم منها مبلغا لا بد لها فيه من الكحل بقوله ها هنا ولو كانت محتاجة إلى ذلك مضطرة تخاف ذهاب بصرها لأباح لها ذلك والله أعلم كما صنع بالتي قال لها اجعليه بالليل وامسحيه بالنهار والنظر يشهد لهذا التأويل لأن الضرورات تنقل المحظور إلى حال المباح في الأصول وكذلك) (1) جعل مالك فتوى أم سلمة هذه تفسيرا للحديث المسند في الكحل لأن أم سلمة روته وما كانت لتخالفه إذا صح عندها وهي أعلم بتأويله ومخرجه والنظر يشهد لذلك لأن المضطر إلى شيء لا يحكم له بحكم المترفه المتزين وليس الدواء والتداوي من الزينة في شيء وإنما نهيت الحاد عن الزينة لا عن التداوي وأم سلمة أعلم بما روت مع صحته في النظر وعليه أهل الفقه وبه قال مالك والشافعي وأكثر الفقهاء وقد ذكر مالك في موطئه إنه بلغه عن سالم بن عبد الله وسليمان بن يسار أنهما كانا يقولان في المرأة يتوفي عنهها زوجها أنها إذا خشيت على بصرها من رمد بعينها أو شكوى أصابتها أنها تكتحل وتتداوى بالكحل وإن كان
(٣١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 ... » »»