التمهيد - ابن عبد البر - ج ١٧ - الصفحة ٢٦٩
فقال مالك من ترك وداع البيت أساء ولا دم عليه (لأن الوداع عنها من مستحبات الحج بدليل قوله صلى الله عليه وسلم فاخرجن وفي غير هذا الحديث فلا إذا وهذا تنبيه على أنه لم يبق عليها من النسك شيء ومما يدل على ذلك أن أهل مكة والمقيمين بها لا وداع عليهم فعلم أنه استحباب والمستحب إذا ترك ليس فيه دم ولما كان طواف الوداع بعد استباحة وطء النساء أشبه طواف المكي والمعتمر فلا شيء فيه (1)) وقال أبو حنيفة والثوري والشافعي وأصحابهم عليه دم ومن حجتهم أن ابن عباس كان يقول من ترك شيئا من نسكه فعليه دم (ومن أصحاب الشافعي من يقول إن هذا الدم استحباب (2)) وقد أجمعوا أن طواف الوداع من النسك ومن سنن الحج المسنونة قال أبو عمر قد روي ذلك عن عمر وابن عباس وغيرهم ولا مخالف لهم من الصحابة وروى معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه أن عمر بن الخطاب خطب الناس فقال إذا نفرتم من منى فلا يصدر أحد حتى يطوف بالبيت فإن آخر المناسك الطواف بالبيت ونافع عن ابن عمر عن عمر مثله ومعمر عن أيوب عن نافع وعن الزهري عن سالم أن صفية بنت أبي عبيد حاضت يوم النحر بعدما طافت بالبيت فأقام ابن عمر عليها سبعا حتى طهرت فطافت فكان آخر
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»