التمهيد - ابن عبد البر - ج ١٦ - الصفحة ١٧٣
وقتها ولا كمن فاته صيام رمضان لمرض أو سفر فقضاه ولا عمن أفسد حجه فلزمه قضاءه فلما أجمعوا أنه لا يقال لمن بعد أعوام من وقت استطاعته أنت قاض لما كان وجب عليك ولم يأت بالحج وفي وقته علمنا أن وقت الحج موسع فيه وأنه على التأخير والتراخي لا على الفور وبالله التوفيق ومما نزع به من رآه على التراخي ما ذكر الله في كتابه من أمر الحج في سورة الحج وهي مكية ومن ذلك أيضا أن قول الله عز وجل * (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) * 1 في سورة آل عمران ونزلت في عام أحد وذلك سنة ثلاث من الهجرة ولم يحج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا سنة عشر فإن قيل أن مكة كانت ممنوعة منه ومن المسلمين قيل قد افتتحها سنة ثمان في رمضان ولم يحج حجته التي لم يحج بعد فرض الحج عليه غيرها إلا في سنة عشر وأمر عتاب بن أسيد إذ ولاه مكة سنة ثمان أن يقيم الحج للناس وبعث أبا بكر الصديق رضي الله عنه سنة تسع فأقام للناس الحج وحج هو صلى الله عليه وسلم سنة عشر من الهجرة فصادف الحج في ذي الحجة وأخبر أن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض وأن الحج في ذي الحجة إلى يوم القيامة إبطالا لما كانت العرب في جاهليتها عليه في تأخير الحج المنسي الذي
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 177 178 179 ... » »»