الله صلى الله عليه وسلم كان قد نوى اعتكاف العشر الأواخر من رمضان فلما رآى ما كرهه من تنافس زينب وحفصة وعائشة في ذلك وخشي عليهن أن تدخل نيتهن داخلة وما الله أعلم به فانصرف ثم وفي الله بما نواه من فعل البر فاعتكف عشرا من شوال وفي ذلك جواز الاعتكاف في غير رمضان وأما قوله في حديث مالك آلبر يقولون بهن فيحتمل أي أيظنون بهن البر فأنا أخشى عليهن أن يردن الكون معي ولا يردن البر خالصا فكره لهن ذلك وعلى هذا يخرج قوله في غير حديث مالك آلبر يردن أو تردن كأنه تقرير وتوبيخ بلفظ الاستفهام أي ما أظنهن يردن البر أوليس يردن البر والله أعلم وقد يجوز أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم كره لأزواجه الاعتكاف لشدة مؤنته لأن ليله ونهاره سواء قال مالك رحمه الله لم يبلغني أن أبا بكر ولا عمر ولا عثمان ولا ابن المسيب ولا أحدا من سلف هذه الأمة اعتكف إلا أبا بكر بن عبد الرحمن وذلك والله أعلم لشدة الاعتكاف ولو ذهب ذاهب إلى أن الاعتكاف للنساء مكروه بهذا الحديث كان مذهبا ولولا أن ابن عيينة ذكر فيه أنهن استأذنه في الاعتكاف لقطعت بأن الاعتكاف للنساء في المساجد غير جائز وما أظن استيذانهن محفوظا والله أعلم ولكن ابن عيينة حافظ وقد قال في هذا الحديث سمعت يحيى بن سعيد وفي هذا الحديث من الفقه أن الاعتكاف يلزم بالنية مع الدخول فيه وإن لم يكن في حديث مالك ذكر دخوله صلى الله عليه وسلم في ذلك الاعتكاف الذي قال لأن في رواية ابن عيينة وغيره لهذا الحديث أن
(١٩٣)