التمهيد - ابن عبد البر - ج ٩ - الصفحة ١٠٦
وأما قوله صلى الله عليه وسلم في حديثنا المذكور في هذا الباب ثم ليبعها ولو بضفير فهذا على وجه الاختيار والحض على مباعدة الزانية لما في ذلك من الاطلاع ربما على المنكر والمكروه ومن العون على الخبث قالت أم سلمة يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث وتفسيره عند أهل العلم أولاد الزنا وقد احتج بهذا الحديث من لم ير نفي الإماء بعد إقامة الحد عليهن لقوله صلى الله عليه وسلم ثم إن زنت فاجلدوها ثم بيعوها ولم يقل فانفوها وقد تقدم اختلاف العلماء في نفي الزناة في الباب قبل هذا والحمد لله وأجمع الفقهاء أن الأمة الزانية ليس بيعها بواجب لازم على ربها وإن اختاروا له ذلك وقال أهل الظاهر بوجوب بيعها إذا زنت في الرابعة منهم داود وغيره وفي هذا الحديث دليل على أن التغابن في البيع وأن المالك الصحيح الملك جائز له أن يبيع ما له القدر الكبير بالتافه اليسر وهذا لا خلاف فيه بين العلماء إذا عرف قدر ذلك واختلفوا فيه إذا لم يعرف قدر ذلك فقال قوم إذا عرف قدر ذلك جاز كما تجوز الهبة لو وهب وقال آخرون عرف قدر ذلك أو لم يعرف فهو جائز إذا كان رشيدا حرا بالغا
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»