التمهيد - ابن عبد البر - ج ٣ - الصفحة ٢٦٦
كل ذلك لا يجيبه إذ المعهود إن سكوت المرء عن الجواب وهو قادر عليه عالم به دليل على كراهية السؤال وفيه ما يدل على أن السكوت عن السائل يعز عليه وهذا موجود في طابع الناس ولهذا ارسل رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمر يؤنسه ويبشره والله أعلم وفيه أوضح الدليل على منزلة عمر من قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم موضعه منه ومكانته عنده وفيه ان غفران الذنوب خير للإنسان مما طلعت عليه الشمس لو أعطى ذلك وذلك تحقير منه صلى الله عليه وسلم للدنيا وتعظيم للآخرة (أ) وهكذا ينبغي للعالم ان يحقر ما حقر الله من الدنيا ويزهد فيها ويعظم ما عظم الله من الآخرة ويرغب فيها وإذا كان غفارن الذنوب للإنسان خيرا مما طلعت عليه الشمس ومعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكفر عنه إلا الصغائر من الذنوب لأنه لم يأت قط كبيرة لا هو ولا أحد من أنبياء الله لأنهم معصومون من الكبائر صلوات الله عليهم فعلى هذا الصلوات الخمس خير للإنسان من الدنيا وما فيها لأنها تكفر الصغائر وبالله التوفيق وفيه أن نزول القرآن كان حيث شاء الله من حضر وسفر وليل ونهار والسفر المذكور في هذا الحديث الذي نزلت فيه سورة الفتح منصرفة من الحديبية لا أعلم بين أهل العلم في ذلك خلافا
(٢٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 ... » »»