قال أبو عمر ما قدمنا عن أبي سعيد الخدري وابن عمر وجابر في تفسير المزابنة يشهد لما قاله الشافعي وهو الذي تدل عليه الآثار المرفوعة في ذلك ويشهد لقول مالك والله أعلم أصل معنى المزابنة في اللغة المخاطرة لأنه لفظ مأخوذ من الزبن وهو المقامرة والدفع والمغالبة وفي معنى القمار والزيادة والنقصان أيضا حتى لقد قال بعض أهل اللغة أن القمر مشتق من القمار لزيادته ونقصانه فالمزابنة والقمار والمخاطرة شيء متداخل حتى يشبه أن يكون أصل اشتقاقهما واحدا والله أعلم تقول العرب حرب زبون أي ذات دفع وقمار ومغالبة وقال أبو الغول الطهوي * فوارس لا يملون المنايا * إذا دارت رحى الحرب الزبون * وقال معمر بن لقيط الايادي * عبل الذراع أبياذا مزابنة * في الحرب يختتل الرئال والسقبا * وقال معاوية * ومستعجب مما رأى من أناتنا * ولو زبنته الحرب لم يترمرم * وروى مالك عن داود بن الحصين انه سمع سعيد بن المسيب يقول كان من ميسر أهل الجاهلية بيع اللحم بالشاة والشاتين فأخبر سعيد بن المسيب إن ذلك ميسر والميسر القمار فدخل في معنى المزابنة قال أبو عمر (1) من أحسن ما روى في تفسير المزابنة وأرفعه ما ذكرناه ما رواه حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن ابن عمر قال أبو عمر فهذا جليل من الصحابة قد فسر المزابنة على نحو ما فسرها
(٣١٧)