ذلك ولما لم يكن نهيه عن ثمن الكلب تحريما لصيده كذلك ليس تحريم ثمن الدم تحريما لأجرة الحجام لأنه إنما أخذ أجرة تعبه وعمله وكل ما ينتفع به فجائر بيعه والإجارة عليه وقد قال صلى الله عليه وسلم من السنة قص الشارب وقال احفوا الشوارب وأعفوا اللحى وأمر بحلق الرأس في الحج فكيف تحرم الإجارة فيما إباحة الله ورسوله قولا وعملا فلا سبيل إلى تسليم ما تأوله أبو جحيفة وإن كانت له صحبة لأن الأصول الصحاح ترده فلو كان على ما تأوله أبو جحيفة كان منسوخا بما ذكرنا وبالله توفيقنا وقال آخرون كسب الحجام كسب فيه دناءة وليس بحرام وسلم واحتجوا بحديث ابن محيصة (1193) ان النبي صلى الله عليه وسلم أم يرخص له في أكله وأمره أن يعلفه نواضجه ويطعمه رقيقه وكذلك روى رفاعة بن نافع قال نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كسب الحجام وأمرنا أن نطعمه نواضحنا فهذا يدل على أنه نزههم عن أكله ولو كان حراما لم يأمرهم أن يطعموه رقيقهم لأنهم متعبدون فيهم كما تعبدوا في أنفسهم هذا قول الشافعي وأتباعه وأظن الكراهة منهم في ذلك من أجل أنه ليس يخرج مخرج الإجارة لأنه غير مقدر ولا معلوم وإنما هو عمل يعطى عليه عامله ما تطيب به نفس معمول له وربما لم تطب نفس العامل بذلك فكأنه شيء قد نسخ بسنة الإجارة والبيوع والجعل المقدر المعلوم وهكذا دخول الحمام عند بعضهم وقد بلغني أن طائفة من الشافعين كرهوا دخول الحمام إلا بشيء معروف وإناء معلوم وشئ
(٢٢٥)