الظاهر إلا أن مالكا وأصحابه وجمهور أهل المدينة يراعون الجائحة ويعتبرون فيها أن تبلغ ثلث الثمرة فصاعدا فإن بلغت الثلث فصاعدا حكموا بها على البائع وجعلوا المصيبة منه وما كان دون الثلث ألغوه وكانت المصيبة عندهم فيه من المبتاع وجعلوا ما دون الثلث تبعا لا يلتفت اليه وهو عندهم في حكم التافه اليسير إذ لا تخلو ثمرة من أن يتعذر القليل من طيبها وإن يلحقها في اليسير منها فساد فلما لم يراع الجميع ذلك التافه الحقير كان ما دون الثلث عندهم كذلك وذكر عبد الرزاق عن معمر قال كاد أهل المدينة أن لا يستقيموا في الجائحة يقولون ما كان دون الثلث فهو على المشتري إلى الثلث فإذا كان فوق ذلك فهي جائحة قال وما رأيتهم يجعلون الجائحة إلا في الثمار وقال وذلك إني ذكرت لهم البز يحترق والرقيق يموتون قال معمر وأخبرني من سمع الزهري قال قلت له ما الجائحة قال النصف وروى حسين بن عبد الله بن ضميرة عن أبيه عن جده عن علي قال والجائحة الريح والمطر والجراد والحريق والمراعاة عند مالك وأصحابه ثلث الثمرة لا ثلث الثمن ولو كان ما بقي من الثمرة وفاء لرأسماله واضعاف ذلك وإذا كانت الجائحة أقل من ثلث الثمرة فمصيبتها عندهم من المشتري ولو لم يكن في ثمن ما بقي إلا درهم واحد وأما أحمد بن حنبل وسائر من قال بوضع الجوائح من العلماء فإنهم وضعوها عن المبتاع في القليل والكثير وقالوا المصيبة في كل ما أصابت الجائحة من الثمار على البائع قليلا كان ذلك أو كثيرا ولا معنى عندهم لتحديد الثلث لأن الخبر الوارد بذلك ليس فيه ما يدل على خصوص شيء دون شيء وهو حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية أبي الزبير ورواية سليمان ابن عتيق وقد ذكرناهما قال أبو عمر كان بعض من لم ير وضع الجوائح يتأول حديث سليمان بن
(١٩٦)