وحجتهم في رد المراسيل ما أجمع عليه العلماء من الحاجة إلى عدالة المخبر وأنه لا بد من علم ذلك فإذا حكى التابعي عمن لم يلقه لم يكن بد من معرفة الواسطة إذ قد صح ان التابعين أو كثيرا منهم رووا عن الضعيف وغير الضعيف فهذه النكتة عندهم في رد المرسل لأن مرسله يمكن أن يكون سمعه ممن يجوز قبول نقله وممن لا يجوز ولا بد من معرفة عدالة الناقل فبطل لذلك الخبر المرسل للجهل بالواسطة قالوا ولو جاز قبول المراسيل لجاز قبول خبر مالك والشافعي والأوزاعي ومثلهم إذا ذكروا خبرا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولو جاز ذلك فيهم لجاز فيمن بعدهم إلى عصرنا وبطل المعنى الذي عليه مدار الخبر ومن حجتهم أيضا في ذلك أن الشهادة على الشهادة قد أجمع المسلمون أنه لا يجوز فيها الا الاتصال والمشاهدة فكذلك الخبر يحتاج من الاتصال والمشاهدة إلى مثل ما تحتاج اليه الشهادة إذ هو باب في ايجاب الحكم واحد هذا كله قول الشافعي وأصحابه وأهل الحديث ولهم في ذلك من الكلام ما يطول ذكره وأما أصحابنا فكلهم مذهبه في الأصل استعمال المرسل مع المسند كما يوجب الجميع استعمال المسند ولا يردون بالمسند المرسل (أ) كما لا يردون الخبرين المتصلين ما وجدوا إلى استعمالهما سبيلا وما ردوا به المرسل من حجة بتأويل أو عمل مستفيض أو غير ذلك من أصولهم فهم يردون به المسند سواء لا فرق بينهما عندهم
(٦)