والارسال قد تبعث عليه أمور لا تضيره (أ) مثل أن يكون الرجل سمع ذلك الخبر من جماعة عن المعزى اليه الخبر وصح عنده ووقر في نفسه فأرسله عن ذلك المعزى اليه علما بصحة ما أرسله وقد يكون المرسل للحديث نسي من حدثه به وعرف المعزى اليه الحديث فذكره عنه فهذا أيضا لا يضر إذا كان أصل مذهبه أن لا يأخذ الا عن ثقة كمالك وشعبة أو تكون مذاكرة فربما ثقل معها الاسناد وخف الارسال أما لمعرفة المخطابين بذلك الحديث واشتهاره عندهم أو لغير ذلك من الأسباب الكائنة في معنى ما ذكرناه والأصل في هذا الباب اعتبار حال المحدث فإن كان لا يأخذ الا عن ثقة وهو في نفسه ثقة وجب قبول حديثه مرسله ومسنده وان كان يأخذ عن الضعفاء ويسامح نفسه في ذلك وجب التوقف عما أرسله حتى يسمى من الذي أخبره وكذلك من عرف بالتدليس المجتمع عليه وكان من المسامحين في الأخذ عن كل أحد لم يحتج بشيء مما رواه حتى يقول أخبرنا أو سمعت هذا إذا كان عدلا ثقة في نفسه وان كان ممن لا يروى الا عن ثقة استغنى عن توقيفه ولم يسأل عن تدليسه وعلى ما ذكرته لك أكثر (ب) أئمة الحديث قال يعقوب بن شيبة سألت يحيى بن معين عن التدليس فكرهه وعابه
(١٧)