الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٨ - الصفحة ٦٠٢
صائمة وليس في بيتها إلا رغيف فقالت لمولاة لها أعطيه إياه فقالت ليس لك ما تفطرين عليه فقالت أعطيه إياه قالت ففعلت قالت فلما أمسينا أهدى لنا أهل بيت أو إنسان ما كان يهدي لنا شاة وكفنها فدعتني عائشة أم المؤمنين فقالت كلي من هذا هذا خير من قرصك قال أبو عمر هذا من المال الرابح والفعل الزاكي عند الله يعجل منه ما يشاء ولا ينقص ذلك فما يذخر عنه من ترك شيئا لله لم يجد فقره وعائشة - رضي الله عنها - في فعلها هذا من الذين أثنى الله عليهم بأنهم يؤثرون على أنفسهم مع ما هم فيه من الخصاصة وأن من فعل ذلك [فقد] وقي شح نفسه وأفلح فلا حاجة لإحسان بعده وفي هذا المعنى ما حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن أسد قال حدثنا محمد بن مسروق العسال قال حدثنا القيروان قال حدثنا أحمد بن شعيب قال حدثنا الحسن بن الحسن المروذي قال حدثنا عبد الله بن المبارك قال حدثنا محمد بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر عن نافع أن بن عمر اشتكى أو اشتهى عنبا فاشترى له عنقودا بدرهم فجاء مسكين فقال أعطوه إياه فخالف إنسان فاشتراه بدرهم ثم جاء به إلى بن عمر فجاء المسكين يسأل فقال أعطوه إياه ثم خالف إنسان فاشتراه بدرهم ثم جاء به فأراد السائل أن يرجع فمنع ولو علم بن عمر أنه ذلك العنقود ما ذاقه وأما قوله شاة وكففها فإن العرب أو بعض وجوههم كان هذا من طعامهم يأتون إلى الشاة أو الخروف فإذا سلخوه غطوه كله بعجين دقيق البر وكفنوه فيه ثم علقوه في التنور فلا يخرج من ودكه شيء إلا في ذلك الكفن وذلك من طيب الطعام عندهم 1881 - قال مالك بلغني أن مسكينا استطعم عائشة أم المؤمنين وبين يديها عنب فقالت لإنسان خذ حبة فأعطه إياها فجعل ينظر إليها ويعجب فقالت عائشة أتعجب كم ترى في هذه الحبة من مثقال ذرة قال أبو عمر قد جاء مثل هذا عن عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص
(٦٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 597 598 599 600 601 602 603 604 605 606 607 ... » »»