الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٨ - الصفحة ٥٩٩
قال أبو عمر قد ذكرنا في التمهيد ما بد إلينا من وجوه معاني حديث أنس في قصة أبي طلحة وتقصينا ذلك هناك ونذكر ها هنا طرفا فمن ذلك أنه جائز أن يضيف إلى الرجل الفاضل حب المال وجائز أن يضيف ذلك إلى نفسه وقد قال أبو بكر لعائشة ما أجد أحب إلي] غنى منك ولا أعز علي فقرا منك وفيه إباحة دخول جنات الأصدقاء والإخوان الأصفياء والأكل من ثمارها والشرب من مائها بغير إذنهم وذلك كله إذا علم أن نفس صاحبها تطيب بذلك ولم يكن ممن [يتشاح الناس فيه وكان تافها] وقيل إن كسب العقار من شأن الأبرار وأن اكتساب ذلك بالهبة وغير الهبة مباح حلال أخذ الناس فيه وكان تائها لا باد لهم وفيه دليل على أنه يستعذب الماء للفضلاء الجلة العلماء وفيه أن من أخرج شيئا من ماله فجائز جعله حيث أراه الله من سبل الخير وجائز أن يشاور فيه ويصدر عنه برأي من يثق برأيه في ذلك وليس ذلك وجه معلوم لا يتعدى كما قال من قال معنى قول الرجل لله وفي سبيل الله كذا دون كذا وفيه دليل على أن الصدقة على الأقارب الفضلاء من أعمال البر لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يشهد إلا بالأفضل من الأعمال وقد قالوا الصدقة على الأقارب صدقة وصلة وقد فضل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصدقة على الأقارب على العتق بدليل حديث بكير بن الأشج عن سليمان بن يسار عن ميمونة قالت كانت لي جارية فأعتقتها فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال آجرك الله لو أعطيتها إخوانك كان أعظم لأجرك حدثنا عبد الله قال حدثنا حمزة قال حدثنا أحمد بن شعيب قال حدثنا هناد بن السري عن عبدة عن بن إسحاق عن بكير بن الأشج فذكره وروى سفيان بن عيينة قال حدثنا محمد بن المنكدر قال لما نزلت * (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) * [آل عمران 92] قال زيد بن حارثة اللهم إنك تعلم أنه ليس مال أحب إلي من فرسي هذا وكان له فرس يقال له سبل فجاء به النبي
(٥٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 594 595 596 597 598 599 600 601 602 603 604 ... » »»