(أيا دهر أعملت فينا أذكاك * ووليتنا بعد وجه ففاكا) (جعلت الشرار علينا رؤوسا * وأجلست سفلتنا مستواكا) (فيا دهر إن كنت عاديتنا * فها قد صنعت بنا ما كفاكا) وقال المساور بن هند (بليت وعلمي في البلاد مكانه * وأفنا شبابي الدهر وهو جديد) والأشعار في هذا أكثر من أن يحيط بها كتاب لو أفرد لها وأكثر ما يعني المسلم إذا ذم دهره ودنياه وزمانه ختل الزمان وأهله وسلطانه والأصل في هذا المعنى في الإسلام وأهله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما كان لله أو آوى إلى الله وأما أهل الجاهلية فإنهم كانوا منهم دهرية زنادقة لا يعقلون ولا يعرفون الله ولا يؤمنون [وفي قريش منهم قوم وصفهم أهل الأخبار كرهت ذكرهم] وقد حكى الله تعالى عنهم أو عن بعضهم قولهم * (ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون) * [الجاثية 24] قال أبو عمر معنى ما ذكرنا قال أئمة العلماء أخبرنا إبراهيم بن شاكر قال حدثني محمد بن إسحاق القاضي قال حدثني أحمد بن مسعود الزبيدي بمصر قال حدثني أبو القاسم يحيى بن محمد بن يحيى بن أخي حرملة قال حدثني عمي حرملة بن يحيى قال قال الشافعي في قول الله عز وجل * (وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون) * [الجاثية 24] وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الدهر فإن الله عز وجل هو الدهر قال الشافعي تأويل ذلك - والله أعلم - أن العرب كان شأنها أن تسب الدهر وتذمه عند المصائب التي تنزل بهم من موت أو هدم أو ذهاب مال أو غير ذلك من المصائب وتقول أصابتنا قوارع الدهر وأبادهم الدهر وأنا عليهم الدهر والليل والنهار يفعل ذلك بهم فيذمون الدهر بذلك ويسبونه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الدهر على أنه الذي يفعل بكم ذلك فإنكم إذا سببتم فاعل ذلك وقع سبكم على الله - عز وجل - فهو الفاعل بذلك كله وهو فاعل الأشياء ولا شيء إلا ما شاء الله العلي العظيم 1849 - مالك عن يحيى بن سعيد أن عيسى بن مريم لقي خنزيرا بالطريق
(٥٥٣)