الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٨ - الصفحة ٥٠٣
وقال أبو داود الطيالسي عن يزيد بن إبراهيم التستري قال سمعت الحسن يقول يأكل ولا يفسد ولا يحمل وعن عمر بن الخطاب مثل ذلك في أموال أهل الذمة وغيرهم وأما مالك - رحمه الله - فذكر بن وهب عنه أنه سمعه يقول في الرجل يدخل الحائط فيجد الثمر ساقطا قال لا يأكل منه إلا أن يعلم أن صاحبه طيب النفس به أو يكون محتاجا إلى ذلك فأرجو أن لا يكون به بأس ولا يكون عليه شيء إن شاء الله تعالى قال وسمعت مالكا يقول في المسافر ينزل بالذمي أنه لا يأخذ من ماله شيئا إلا بإذنه وعن طيب نفس منه فقيل لمالك أرأيت الضيافة التي جعلت عليهم ثلاثة أيام فقال كان يومئذ يخفف عنهم بذلك وذكر الحارث بن مسكين قال سمعت أشهب بن عبد العزيز يقول خرجنا مرابطين إلى الإسكندرية فمررنا بجنان الليث بن سعد فدخلنا فأكلنا من الثمر فلما أن رجعت دعتني نفسي إلى أن أستحل ذلك من الليث فدخلت إليه فقلت يا أبا الحارث إنا خرجنا مرابطين ومررنا بجنانك فأكلنا من الثمر وأحببنا أن تجعلنا في حل فقال الليث يا بن أخي لقد نسكت نسكا أعجميا أما سمعت الله عز وجل يقول * (أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا) * [النور 61] فلا بأس أن يأكل الرجل من مال أخيه الشيء التافه الذي يسره بذلك وأكثر ذلك فيما كان ثمرا معلقا غير المدخرات ومن المدخرات ما لا يتشاح في مثله ويعلم أن صاحبه تطيب به نفسه حدثني عبد الوارث قال حدثني قاسم قال حدثي محمد بن عبد السلام قال حدثني محمد بن بشار قال حدثني محمد بن جعفر قال حدثني شعبة عن أبي بشر قال سمعت عباد بن شرحبيل رجل منا من بني غبر قال أصابتنا مجاعة فأتيت المدينة فدخلت حائطا من حيطانها فأخذت سنبلا ففركته وأكلت منه وحملت في ثوبي فجاءني صاحب الحائط فضربني وأخذ ثوبي فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما علمته إذ كان جاهلا ولا أطعمته إذا كان جائعا قال فرد علي الثوب وأمر لي بوسق أو نصف وسق قال أبو عمر يحتمل أن يكون ضربه له لأنه أخذ فوق ما سد جوعه وما حمل في غير بطنه
(٥٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 498 499 500 501 502 503 504 505 506 507 508 ... » »»