الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٨ - الصفحة ٥٠٢
وقد مضى هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم في ما تقدم من هذا الكتاب وهذا الحديث في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه (1) إلا أن العلماء اختلفوا فيما يأكله الإنسان من الثمار المعلقة في الأشجار للمسافر وسائر المارين من مال الصديق وغيره وأكثرهم يجيز أكل مال الصديق إذا كان تافها لا يتشاح في مثله وإن كان ذلك بغير إذنه ما لم [يكن] يجب فعله واللبن في الضرع يشبه الطعام المخزون تحت الأقفال فقد شبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بذلك في قوله فتكسر خزانته وما أعلم بين أهل العلم خلافا أنه لا يجوز كسر قفل مسلم ولا ذمي لأخذ شيء من ماله بغير إذنه والله أعلم وليس الثمر المعلق عند أكثرهم كذلك والآثار كثيرة حسان مذكورة وردت في ذلك منها حديث الليث بن سعد عن بن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الثمر المعلق فقال من أصاب منه ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه (2) ومن حديث عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من دخل حائطا فأكل منه فلا يتخذ خبنة (3) وروى قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أتى أحدكم على ماشية فإن كان فيها صاحبها [فليستأذنه فإن أذن له فليحتلب وليشرب وإن لم يكن فيها أحد فليصوت ثلاثة فإن أجابه أحد] فليستأذنه وإن لم يجبه أحد فليحتلب وليشرب ولا يحمل (4) وهذه الآثار يحتمل أن تكون في من احتاج وجاع أو في مال الصديق إذا كان تافها لا يتشاح وذكر بن المبارك قال أخبرنا عاصم الأحول عن أبي زينب قال صحبت عبد الرحمن بن سمرة وأنس بن مالك وأبا برزة في سفر فكانوا يصيبون من الثمر
(٥٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 497 498 499 500 501 502 503 504 505 506 507 ... » »»