الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٨ - الصفحة ٤٦٤
السنة المندوب إليها كما يقال من أتى الوليمة وهو صائم أجزأه التبرك والدعاء وإنما قلنا هذا لإجماع العلماء على أن الابتداء بالسلام سنة وأن الرد فرض لقول الله عز وجل * (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) * [النساء 86] وأما اختلاف الفقهاء في هذا الباب فقال مالك والشافعي وأصحابهما وهو قول أهل المدينة إذا سلم رجل على جماعة من الرجال فرد عليه واحد منهم أجزأ هو عنهم وشبهه الشافعي بصلاة الجماعة والتفقه في دين الله وغسل الموتى ودفنهم والصلاة عليهم والخروج إلى أرض العدو لدعائهم إلى الإسلام وقتالهم عليه قال فهذه فروض كلها على الكفاية لا يحل الاجتماع على تضييعها ومنه تشميت العاطس قال أبو عمر حديث زيد بن أسلم هذا يدل على أن هذا الفرض لا يتعين على كل الجماعة الذين سلم عليهم وأنه إذا قام برد التحية واحد منهم أجزأ عنهم وقال الطحاوي كان أبو يوسف ينكر الحديث الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا رد السلام بعض القوم أجزأ عن جميعهم وقال لا يجزئ إلا أن يردوا جميعا وقال الطحاوي رد السلام من الفرائض المتعينة على كل إنسان بنفسه لا ينوبه فيها عنه غيره لا من الفروض التي على الكفاية التي إذا قام بها أحدهم سقط الفرض عنهم قال أبو عمر ليس مع الطحاوي بما قال أثر يحتج به مرسل ولا مسند وقد جاء الحديث برد السلام مما دل أنه من الفروض التي على الكفاية فالمصير إليه أولى من الرأي وبالله التوفيق قال أبو عمر الدليل على أن الابتداء بالسلام سنة وفضيلة ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من ابتدأ قوما بالسلام فضلهم بعشر حسنات وقوله عليه السلام في المتهاجرين خيرهما الذي يبدأ بالسلام (1) والدليل على أن رد السلام فريضة قول الله عز وجل * (فحيوا بأحسن منها أو ردوها) * [النساء
(٤٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 459 460 461 462 463 464 465 466 467 468 469 ... » »»