الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٨ - الصفحة ٤٦٢
وقال الحسن النرد من ميسر العجم وأما الشطرنج فأجمع العلماء أن اللعب بها قمار لا يجوز وأخذ المال وأكله قمارا بها لا يحل وأجمع مالك وأصحابه على أنه لا يجوز اللعب بالنرد ولا بالشطرنج وقالوا لا تجوز شهادة المدمن المواظب على لعب الشطرنج وقال أبو حنيفة وأصحابه يكره اللعب بالشطرنج وبالنرد وبالأربعة عشر وبكل اللهو وقالوا فإن لم يظهر من اللاعب بها كبيرة وكانت محاسنه أكثر من مساوئه قبلت شهادته قال الشافعي أكره اللعب بالنرد للخبر واللعب بالشطرنج والحمام بغير قمار وإن كرهناه أخف حالا من اللعب بالنرد وقال أصحاب الشافعي لا تسقط عندنا - في مذهبه - شهادة اللاعب بالنرد وبالشطرنج إذا كان عدلا في جميع أحواله لم يظهر منه سفه ولا ريبة ولا علمت منه كبيرة إلا أن يلعب بها قمارا فإن لعب بها قمارا وكان بذلك معروفا سفه بها نفسه وسقطت عدالته لأكله المال بالباطل وقال إسحاق بن راهويه إذا لعب بالنرد أو بالشطرنج على غير معنى القمار يريد به التعليم والمكايدة فهو مكروه لا يبلغ ذلك إسقاط شهادته وأما الليث بن سعد فذكر بن وهب عنه أنه قال الشطرنج شر من النرد ولا خير فيها ولا تجوز شهادة اللاعب بها وقال بن شهاب هي من الباطل ولا أحبها وقد روي عنه أنه قال لا بأس باللعب بها ما لم يكن قمارا وقد روي عن جماعة من العلماء أنهم أجازوا اللعب بالشطرنج على غير قمار وأنهم لعبوا بها على غير قمار وقد ذكرناهم في التمهيد وأما القمار فلا يجوز عند أحد منهم في شيء من الأشياء وأكل المال به باطل على كل حال قال الله عز وجل " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالبطل " [النساء 29] وقد روي عن مجاهد وطاوس وعطاء وإبراهيم النخعي أنهم قالوا كل شيء من القمار فهو من الميسر حتى لعب الصبيان بالجوز
(٤٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 457 458 459 460 461 462 463 464 465 466 467 ... » »»