سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه قال فحمد الله عمر ثم انصرف [قال أبو عمر] قد ذكرنا في التمهيد ما يستدل به من ألفاظ هذا الحديث وما يمكن استنباطه منها ونذكر ها هنا ما في ظاهره الذي سبق وذكر وأما اختلاف المهاجرين والأنصار في القدوم على الوباء فلكل واحد منهم معنى صحيح في أصول السنن المجتمع عليها من الكتاب والسنة وملاك ذلك كله الإيمان بالقدر وأن ما أصاب المرء لم يكن ليخطئه مع إباحة الأخذ بالحذر والحزم والفرار عن المهلكة الظاهرة وقد أحكمت السنة والحمد لله كثيرا ما قطع وجوه الاختلاف فلا يجوز لأحد أن يقدم على موضع طاعون لم يكن ساكنا فيه ولا يجوز له الفرار عنه إذا كان قد نزل في وطنه وموضع سكناه وقد ذكرنا في التمهيد خبرا عن الزهري قال أصاب الناس الطاعون بالجابية فقال عمرو بن العاص تفرقوا عنه فإنما هو بمنزلة نار فقام معاذ بن جبل فقال لقد كنت فينا وأنت أضل من حمار أهلك سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هو رحمة لهذه الأمة اللهم فاذكر معاذا في من تذكره في هذه الرحمة [قال أبو عمر] مات معاذ في طاعون عمواس بالشام سنة ثماني عشرة وروى شعبة عن يزيد بن جبير قال سمعت شرحبيل بن حسنة يحدث أن عمرو بن العاص قال وقد وقع الطاعون بالشام إنه رجس فتفرقوا عنه فقال شرحبيل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنها رحمة ربكم ودعوة نبيكم وموت الصالحين قبلكم فلا تفرقوا عنه (1) قال أبو عمر أظن قوله ودعوة نبيكم قوله صلى الله عليه وسلم اللهم اجعل فناء أمتي بالطعن والطاعون (2) وقد ذكرنا هذا الخبر من حديث عائشة في كتاب الجنائز عند قوله صلى الله عليه وسلم والمطعون شهيد
(٢٥١)