الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٨ - الصفحة ٢٥٥
الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه فرجع عمر بن الخطاب من سرغ فهذا الحديث قد اقتضى معناه الحديث الذي قبله ولم يبق للقول فيه مدخل 1655 - مالك عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله أن عمر بن الخطاب إنما رجع بالناس من سرغ عن حديث عبد الرحمن بن عوف قال أبو عمر هذا الحديث بين أن رجوع عمر بن الخطاب من سرغ لم يكن من قول مشيخة الفتح وإنما كان لما حدثه به عبد الرحمن بن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا هو الحق الذي يليق بعمر ونظرائه وما كان عمر مع الاختلاف ليؤثر رأيا على رأي بلا حجة وما كان لينقاد إلى غير السنة وإنما كانت مشورته لهم والله عز وجل أعلم ليجد عندهم علما من النبي صلى الله عليه وسلم فكثرا ما كان يفعل ذلك في كل ما كان ينزل به ومعروف عنه ومشهور عنه تفضيل أهل السوابق في الرأي وفي العطاء وفي المنزلة من مجلسه والقرب منه وكان لا يقيم لمشيخة الفتح وزنا إلا في العمالة والإمارة ومعاني الدنيا ويقول ما كنت لأدنس أهل بدر بالولاية وهذا كله يدل على صحة قول سالم أنه لم ينصرف عن الطاعون من سرغ إلا لحديث عبد الرحمن بن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم لا بغير ذلك والله تعالى أعلم 1656 مالك أنه قال بلغني أن عمر بن الخطاب قال لبيت بركبة أحب إلي من عشرة أبيات بالشام قال أبو عمر [قال مالك] يريد لطول الإعمار والبقاء ولشدة الوباء بالشام وهذا الكلام في الموطأ عند بعض رواته ومعناه عندي أن الشام كثيرة الأمراض والوباء والأسقام وأن ركبة أرض مصحة طيبة الهواء قليلة الأمراض والوباء لأن الأمراض تنقص من العمر أو تزيد في البقاء أو تؤخر الأجل وقال بن وضاح [ركبة] موضع بين الطائف ومكة في طريق العراق وقال غيره ركبة واد من أودية الطائف
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»